بنت عتبة بن ربيعة حين فارق قومه وظاهر عليم قريشا ، فقال لها : يا بنت عتبة ، هل نصرت اللات والعزى وفارقت من فارقهما وظاهر عليهما؟ قالت : نعم ، فجزاك الله خيرا يا أبا عتبة.
وقال أبو طالب فيما صنعت قريش من ذلك واجتمعوا عليه :
ألا أبلغا عنى على ذات بيننا |
|
لؤيا وخصا من لؤيّ بنى كعب |
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا |
|
نبيا كموسى خط فى أول الكتب |
وأن عليه فى العباد محبة |
|
ولا خير ممن خصه الله بالحب |
وأن الذي لصقتم من كتابكم |
|
لكم كائن نحسا كراغية السقب (١) |
أفيقوا أفيقوا قبل أن يحفر الثرى |
|
ويصبح من لم يجن ذنبا كذى الذنب |
ولا تبتغوا أمر الوشاة وتقطعوا |
|
أواصرنا بعد المودة والقرب |
وتستجلبوا حربا عوانا وربما |
|
أمر على من ضاقه حلب الحرب |
فلسنا ورب البيت نسلم أحمدا |
|
لعزاء من عض الزمان ولا كرب |
ولما تبن منا ومنكم سوالف |
|
وأيد أترت بالقساسية الشهب (٢) |
بمعترك ضنك ترى كسر القنا |
|
به والنسور الطخم يعكفن كالشرب |
كأن مجال الخيل فى حجراته |
|
ومعمعة الأبطال معركة الحرب (٣) |
أليس أبونا هاشم شد أزره |
|
وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب |
ولسنا نمل الحرب حتى تملنا |
|
ولا نتشكى ما قد ينوب من النكب |
ولكننا أهل الحفائظ والنهى |
|
إذا طار أرواح الكماة من الرعب |
فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا لا يصل إليهم شيء إلا سرا ، مستخفيا به من أراد صلتهم من قريش.
وقد كان أبو جهل فيما يذكرون ، لقى حكيم بن حزام معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة وهى مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الشعب فتعلق به وقال : أتذهب بالطعام إلى بنى هاشم؟ فقال له أبو البخترى : طعام كان لعمته عنده ، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها؟
خل سبيل الرجل.
__________________
(١) كراغية السقب : الراغية من الرغاء بضم أوله وهو أصوات الإبل. والسقب ولد الناقة.
(٢) تبن : تنفصل. السوالف : صفحات الأعناق. أثرت : يعنى قطعت. القساسية : سيوف تنسب إلى قساس وهو جعل لبنى أسد فيه معدن الحديد.
(٣) مجال الخيل : إجالة الفرسان إياها. حجراته : أى النواحى. معمعة : الصوت.