ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا |
|
وبت كما بات السليم مسهدا (١) |
وما ذاك من عشق النساء وإنما |
|
تناسيت قبل اليوم خلة مهددا |
ولكن أرى الدهر الذي هو خائن |
|
إذا أصلحت كفاى عاد فأفسدا |
كهولا وشبابا فقدت وثروة |
|
فلله هذا الدهر كيف ترددا |
وما زلت أبغى المال مذ أنا يافع |
|
وليدا وكهلا حين شبت وأمردا |
وأبتذل العيس المراقيل تعتلى |
|
مسافة ما بين النجير فصرخدا (٢) |
ألا أيهذا السائلى أين يممت |
|
فإن لها فى أهل يثرب موعدا |
فإن تسألى عنى فيا رب سائل |
|
حفى عن الأعشى به حيث [أصهدا] (٣) |
أجدت برجليها النجاء وراجعت |
|
يداها خنفا لينا غير أحردا |
وفيها إذا ما هجرت عجرفية |
|
إذا خلت حرباء الظهيرة أصيدا (٤) |
وآليت لا آوى لها من كلالة |
|
ولا من حفى حتى تلاقى محمدا |
متى ما تناخى عند باب ابن هشام |
|
تراحى وتلقى من فواضله ندا |
نبيا يرى ما لا ترون وذكره |
|
أغار لعمرى فى البلاد وأنجدا (٥) |
له صدقات ما تغب ونائل |
|
وليس عطاء اليوم مانعه غدا |
أجدك لم تسمع وصاة محمد |
|
نبى الإله حين أوصى وأشهدا |
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى |
|
ولاقيت بعد الموت من قد تزودا |
ندمت على أن لا تكون كمثله |
|
فترصد للموت الذي كان أرصدا |
فإياك والميتات لا تقربنها |
|
ولا تأخذن سهما حديدا لتقصدا |
وذا النصب المنصوب لا تنسكنّه |
|
ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا (٦) |
ولا تقربن حرة كان سرها |
|
عليك حراما فانكحن أو تأبدا |
__________________
(١) الأرمد : الذي يشتكى عينيه من الرمد. المسهد : الذي منع النوم.
(٢) العيس : الإبل البيض يخالطها حمرة. المراقيل : مأخوذ من الإرقال وهو السرعة فى السير. النجير : موضع فى حضرموت فى اليمن. صرخد : موضع بالجزيرة.
(٣) ما بين المعقوفتين ورد فى الأصل : «أصعدا» ، وما أوردناه من السيرة. وأصهدا : أى ذهب.
(٤) العجرفية : أى تخليط من غير استقامة. الحرباء : بكسر فسكون دويبة تكون فى أعلى الشجرة.
(٥) أغار لعمرى : معناه بلغ الغور وهو منخفض من الأرض. أنجد : بلغ النجد وهو ما ارتفع من الأرض.
(٦) النصب : حجارة كان يذبحون لها. النسك : الدم كانوا يعترون عند أصناهم ثم يطلون رءوس الأصنام بدماء العتائر.