نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف ، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا؟ قال : الجنة. قالوا : ابسط يدك. فبسط يده فبايعوه (١).
قال عاصم : والله ، ما قال ذلك العباس إلا ليشد العقد لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فى أعناقهم.
وقال غيره : ما قاله إلا ليؤخر القوم تلك الليلة رجاء أن يحضرها عبد الله بن أبى بن سلول فيكون أقوى لأمر القوم. فالله أعلم أى ذلك كان.
قال ابن إسحاق (٢) : فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده ، وبنو عبد الأشهل يقولون : بل أبو الهيثم بن التيهان.
وفى حديث معبد بن كعب عن أخيه عبد الله ، عن أبيه قال : كان أول من ضرب على يد رسول الله صلىاللهعليهوسلم البراء بن معرور ، ثم بايع القوم ، فلما بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم صرح الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط : يا أهل الجباجب ، وهى المنازل ، هل لكم فى مذمم والصباء معه قد اجتمعوا على حربكم.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا أزب العقبة هذا ابن أزيب ، ويقال ابن أزيب ، أتسمع أى عدو الله ، أما والله لأفرغن لك» ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ارفضوا إلى رحالكم» ، فقال له العباس بن عبادة بن نضلة : والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى بأسيافنا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لم أومر بذلك ، ولكن ارجعوا إلى رحالكم». فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها ، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاءونا فى منازلنا ، فقالوا : يا معشر الخزرج ، إنه قد بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا ، وتبايعونه على حربنا ، وإنه والله ما من حى من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم.
فانبعث من هنالك من مشركى قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء ، وما علمناه.
وصدقوا ، لم يعلموه ، وبعضنا ينظر إلى بعض.
ثم قام القوم وفيهم الحارث بن هشام المخزومى (٣) ، وعليه نعلان له جديدان فقلت
__________________
(١) انظر الحديث فى : مجمع الزوائد للهيثمى (٦ / ٤٨) ، مسند الإمام أحمد (٤ / ١١٩ ، ١٢٠) ، تاريخ الطبرى (١ / ٥٦٣) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ١٦٢).
(٢) انظر : السيرة (٢ / ٥٦ ـ ٥٧).
(٣) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٤٥٢) ، الإصابة الترجمة رقم (١٥٠٩) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٩٧٩) ، تهذيب الكمال (٢٢٣) ، تذهيب التهذيب (١ / ١١٦) ، خلاصة تذهيب الكمال (٦٩) ، تهذيب ابن عساكر (٤ / ٨) ، العقد الثمين (٤ / ٣٢).