حدثتك تكتم على؟» قال : نعم ، قال : «فإنى محمد رسول الله». قال : أنت الذي تزعم قريش أنك صابئ؟ قال : «إنهم ليقولون ذلك».
قال العبد : فإنى أشهد أنك رسول الله ، وأن ما جئت به الحق ، وأنه ليس يفعل فعلك إلا نبى ، ثم قال العبد : أتبعك؟ قال : «لا ، حتى تسمع بنا أنا قد ظهرنا» (١).
وخرج البرقانى فى مصافحته من حديث البراء بن عازب (٢) رضى الله عنهما ، وأورده الإمامان البخاري ومسلم فى صحيحيهما من حديثه قال : اشترى أبو بكر رضى الله عنه ، من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما ، فقال أبو بكر لعازب : مر البراء أن يحمله إلى أهلى. فقال له عازب : حتى تحدثنى كيف صنعت أنت ورسول الله صلىاللهعليهوسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم.
قال : ارتحلنا من مكة فأحثثنا يومنا وليلتنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة ، فرميت ببصرى هل أرى من ظل نأوى إليه ، فإذا أنا بصخرة فانتهيت إليها فإذا بقية ظل لها ، فنظرت بقية ظلها فسويته وفرشت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فروة وقلت : اضطجع يا رسول الله ، فاضطجع ، ثم ذهبت أنظر ما حوله هل أرى من الطلب أحدا ، فإذا أنا براعى غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي أريد ، يعنى الظل. فسألته فقلت : لمن أنت يا غلام؟ قال : فلان ، رجل من قريش سماه ، فعرفته ، فقلت : هل فى غنمك من لبن؟ قال : نعم ، قلت : هل أنت حالب لى؟ قال : نعم ، فاعتقل شاة من غنمه فأمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ، ثم أمرته أن ينفض كفيه ، فقال هكذا ، فضرب إحدى يديه على الأخرى فحلب لى كثبة من لبن وقد رويت معى لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إداوة على فمها خرقة ، فصببت على اللبن حتى برد أسفله ، فانتهيت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد استيقظ ، قلت : يا رسول الله اشرب ، فشرب حتى رضيت ، وقلت : قد آن الرحيل يا رسول الله ، فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم (٣) على فرس له ،
__________________
(١) ذكره ابن حجر فى المطالب العالية (٤٢٩٥).
(٢) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (١٧٤) ، الإصابة الترجمة رقم (٦١٨) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٣٨٩) ، مشاهير علماء الأمصار الترجمة رقم (٢٧٢) ، جمهرة أنساب العرب (٣٤١) ، العقد الفريد (٥ / ٢٨٢) ، الوافى بالوفيات (١٠ / ١٠٤) ، مرآة الجنان (١ / ١٤٥) ، تقريب التهذيب (١ / ٩٤) ، خلاصة تذهيب التهذيب (٤٦) ، شذرات الذهب (١ / ٧٧ ، ٧٨) ، طبقات الفقهاء (٥٢) ، تاريخ الطبرى (١٠ / ١٩٢).
(٣) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٩٢١) ، الإصابة الترجمة رقم (٣١٢٢) ، أسد الغابة ـ