يرحمكن الله ، فقد آسيتن (١) بأنفسكن» (٢). وقيل : إنه لما سمع بكاءهن قال : «رحم الله الأنصار ، فإن المواساة منهم ما علمت لقديمة ، مروهن فلينصرفن».
ومر رسول الله فى انصرافه بامرأة من بنى دينار وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأحد ، فلما نعوا لها قالت : فما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قالوا : خيرا يا أم فلان ، هو بحمد الله كما تحبين. قالت : أرونيه حتى أنظر إليه. فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل! تريد صغيرة.
فلما انتهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة فقال : «اغسلى عن هذا دمه يا بنية ، فو الله لقد صدقنى اليوم» (٣) ، وناولها على بن أبى طالب سيفه فقال : وهذا فاغسلى عنه دمه ، فو الله لقد صدقنى اليوم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لئن كنت صدقت القتال لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة» (٤).
وكان يقال لسيف رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ذو الفقار. ونادى مناد يوم أحد :
لا سيف إلا ذو الفقا |
|
ر ولا فتى إلا على |
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلى بن أبى طالب : «لا يصيب المشركون منا مثلها حتى يفتح الله علينا» (٥).
وكان يوم أحد السبت للنصف من شوال.
فلما كان الغد منه يوم الأحد أذن مؤذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بطلب العدو ، وأذن مؤذنه : أن لا يخرجن معنا أحد إلا أحد حضر يومنا بالأمس.
فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام فقال : يا رسول الله ، كان أبى خلفنى على أخوات لى سبع وقال : «يا بنى لا ينبغى لى ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ، ولست بالذى أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على نفسى ، فتخلف على أخواتك. فتخلفت عليهن. فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرج معه.
وإنما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرهبا للعدو ليبلغهم أنه خرج فى طلبهم فيظنوا به قوة ، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم.
__________________
(١) آسيتن : أى عزيتن وعاونتن.
(٢) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٤٧) ، دلائل النبوة للبيهقى (٣ / ٣٠١ ، ٣٠٢).
(٣) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٤٧).
(٤) انظر الحديث فى : مستدرك الحاكم (٣ / ٢٤) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٤٧).
(٥) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٤٧).