قيس وأبو عمارة الوائليان ـ فى نفر من بنى النضير وبنى وائل ، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حين قدموا مكة على قريش فاستفزوهم واستنفروهم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودعوهم إلى حربه ، وقالوا : إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله.
فقالت لهم قريش : يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد ، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا : بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق منه ، فهم الذين الله عزوجل فيهم : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) [النساء : ٥١ ـ ٥٢].
فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاجتمعوا لذلك واتعدوا له.
ثم خرج أولئك النفر حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان فدعوهم إلى مثل ما دعوا إليه قريشا ، وأخبروهم أنهم سيكونون معهم وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك.
وجعلت يهود لغطفان تحريضا على الخروج نصف تمر خيبر كل عام.
فزعموا أن الحارث بن عوف أخا بنى مرة قال لعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ولقومه من غطفان : يا قوم أطيعونى ، دعوا قتال هذا الرجل وخلوا بينه وبين عدوة من العرب ، فغلب عليهم الشيطان وقطع أعناقهم الطمع ونفذوا لأمر عيينة على قتال رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وكتبوا إلى حلفائهم من بنى أسد ، فأقبل طليحة الأسدي ، فيمن اتبعه من بنى أسد ، وهما الحليفان أسد وغطفان.
وكتبت قريش إلى رجال من بنى سليم أشراف بينهم وبينهم أرحام استمدادا لهم ، فأقبل أبو الأعور بمن اتبعه من سليم مددا لقريش.
فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب ، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن فى بنى فزارة والحارث بن عوف فى بنى مرة ومسعر بن رخيلة الأشجعى فيمن تابعه من قومه من أشجع ، وتكامل لهم ولمن استمدوه فأمدهم جمع عظيم ، هم الذين سماهم الله «الأحزاب».
فلما سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخروجهم وبما أجمعوا له من الأمر أخذ فى حفر الخندق وضربه على المدينة ، فعمل فيه صلىاللهعليهوسلم ترغيبا للمسلمين فى العمل والأجر وعمل معه المسلمون ، فدأب فيه ودأبوا حتى أحكموه.