فقسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فى أصحابه فى كل مائة رجل جزورا. وأقاموا عليها ثم رجع قافلا إلى المدينة.
وأفلتت ارمأة الغفارى على ناقة من إبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى قدمت عليه فأخبرته الخبر ، فلما فرغت قالت : يا رسول الله ، إنى قد نذرت لله أن أنحرها إن نجانى الله عليها ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك بها ثم تنحرينها ، إنه لا نذر فى معصية الله ولا فيما لا تملكين ، إنما هى ناقة من إبلى ، ارجعى إلى أهلك على بركة الله» (١).
فهذا حديث ابن إسحاق عن غزوة ذى قرد.
وخرج مسلم بن الحجاج ـ رحمهالله ـ حديثا فى صحيحه بإسناده إلى سلمة بن الأكوع فذكر حديثا طويلا خالف به حديث ابن إسحاق فى مواضع منه ، فمن ذلك : أن هذه الغزوة كانت بعد انصراف الرسول صلىاللهعليهوسلم الحديبية ، وجعلها ابن إسحاق قبل ذلك ، وكذلك فعل ابن عقبة.
وفيه أن سلمة بن الأكوع (٢) استنقذ سرح رسول الله صلىاللهعليهوسلم بجملته ، قال سلمة : فو الله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا رجع إلى فارس أتيت شجرة فجلست فى أصلها ثم رميته فعقرت به حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا فى تضايقه علوت الجبل فجعلت أرديهم بالحجارة. قال : فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا خلفته وراء ظهرى وخلوا بينى وبينه ، ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا يستخفون ، ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة يعرفها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه حتى أتوا متضايقا من ثنية فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزارى ، فجلسوا يتضحّون ـ أى يتغدون ـ وجلست على رأس قرن. قال الفزارى : ما هذا الذي أرى؟ قالوا : لقينا من هذا البرح ، والله ما فارقنا منذ غلس يرمينا حتى انتزع كل شيء فى أيدينا. قال فليقم إليه نفر منكم أربعة ، قال : فصعد إلى
__________________
(١) انظر الحديث فى : مجمع الزوائد للهيثمى (٤ / ١٨٧).
(٢) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (٣٣٧٤) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٢١٥٥) ، طبقات ابن سعد (٣٠٥) ، طبقات خليفة ترجمة رقم (٦٨٩) ، التاريخ الكبير (٤ / ٦٩) ، المعارف (٢١٢) ، المعرفة والتاريخ (١ / ٣٣٦) ، مشاهير علماء الأنصار ترجمة رقم (٨٠) ، تهذيب الكمال (٥٢٥) ، تاريخ الإسلام (٣ / ١٥٨) ، العبر (١ / ٨٤) ، البداية والنهاية (٩ / ٦) ، تهذيب التهذيب (٤ / ١٥٠) ، شذرات الذهب (١ / ٨١) ، تهذيب ابن عساكر (٦ / ٢٣٢).