منهم أربعة فى الجبل ، فلما أمكنونى من الكلام قلت : هل تعرفوننى؟ قالوا : لا ، ومن أنت؟ قلت : أنا سلمة بن الأكوع والذي كرم وجه محمد صلىاللهعليهوسلم لا اطلب رجلا منكم إلا أدركته ولا يطلبنى فيدركنى. قال أحدهم : أنا أظن ذلك ، فرجعوا.
فما برحت مكانى حتى رأيت فوارس رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتخللون الشجر ، فإذا أولهم الأخرم الأسدي ، على أثره أبو قتادة الأنصاري وعلى أثره المقداد بن الأسود الكندى فأخذت بعنان الأخرم فولوا مدبرين ، قلت : يا أخرم احذرهم لا يقتطعونك حتى يلحق رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، قال : يا سلمة ، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بينى وبين الشهادة. قال : فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن ، قال : فعقر بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله ، وتحول على فرسه. ولحق أبو قتادة فارس رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعبد الرحمن فطعنه فقتله ، فو الذي كرم وجه محمد لتبعتهم أعدو على رجلى حتى ما أرى من ورائى من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ولا غبارهم شيئا ، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له : ذو قرد ليشربوا منه وهم عطاش فنظروا إلى أعدو وراءهم فحلأتهم عنه. فما ذاقوا منه قطرة ، ويخرجون فيشتدون فى ثنية فأعدو فألحق منهم فأمسكه بسهم فى نغض كتفه ، قلت :
خذها وانا ابن الأكوع |
|
واليوم يوم الرضع |
قال : يا ثكلته أمه أأكوعه بكرة؟ قلت : نعم يا عدو نفسه أكوعه بكرة.
قال : وأردوا فرسين على ثنية فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولحقنى عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء فتوضأت وشربت ثم أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على الماء الذي حلأتهم عنه قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وكل بردة ، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل التي استنقذت من القوم ، وإذا هو يشتوى لرسول الله صلىاللهعليهوسلم من كبدها وسنامها ، قلت : يا رسول الله ، خلنى فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته. فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى بدت نواجذه فى ضوء النار قال : «يا سلمة ، أتراك كنت فاعلا؟» قلت : نعم ، والذي أكرمك ، قال : «إنهم الآن ليقرون بأرض غطفان». قال : فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم فلان جزورا فلما كشطوا جلدها رأوا غبارا فقالوا : إياكم القوم فخرجوا هاربين.
فلما أصبحنا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالنا