وقال أنس بن مالك : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح ، فإن سمع أذانا أمسك وإن لم يسمع أذانا أغار ، فنزلنا خيبر ليلا ، فبات رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى إذا اصبح لم يسمع أذانا فركب وركبنا معه ، فركبت خلف أبى طلحة وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم واستقبلنا عمال خيبر غادين قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم ، فلما رأوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم والجيش قالوا : محمد والخميس معه. فأدبروا هرابا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الله أكبر ، خربت خيبر! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» (١).
قال ابن إسحاق (٢) : وتدنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأموال يأخذها مالا مالا ويفتحها حصنا حصنا ، فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم ، وعنده قتل محمود بن مسلمة ، ألقيت عليه رحى منه فقتله ، ثم القموص حصن أبى الحقيق ، وأصاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم منهم سبايا منهن صفية بنت حيى بن أخطب ، وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق وبنتى عم لها ، فاصطفى صفية لنفسه بعد أن سأله إياها دحية بن خليفة الكلبى ، فلما اصطفاها لنفسه أعطاه ابنتى عمها ، وكان بلال هو الذي جاء بصفية وبأخرى معها فمر بها على قتلى من قتلى يهود ، فلما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها ، فلما رآها رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أغربوا عنى هذه الشيطانة» (٣) ، وأمر بصفية فحيزت خلفه وألقى عليها رداؤه ، فعرف المسلمون أنه قد اصطفاها لنفسه ، فذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لبلال حين رأى بتلك اليهودية ما رأى : «أنزعت منك الرحمة يا بلال حين تمر بامراتين على قتلى رجالهما؟!» (٤).
وكانت صفية قد رأت فى المنام وهى عروس بكنانة بن الربيع بن أبى الحقيق أن قمرا وقع فى حجرها ، فعرضت رؤياها على زوجها فقال : ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمدا! فلطم وجهها لطمة حضر عينها منها. فأتى بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبها أثر منه فسألها ما هو فأخبرته الخبر.
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (١ / ١٠٤ ، ١٥٩ ، ٢ / ١٩ ، ٤ / ٥٨ ، ٢٥٣) ، صحيح مسلم (١٠٤٣ ، ١٠٤٤) ، سنن النسائى (٦ / ١٣٢) ، مسند الإمام أحمد (٢ / ١٠٢ ، ١٦٤ ، ١٨٦ ، ٢٤٦ ، ٢٦٣) ، السنن الكبرى للبيهقى (٢ / ٢٣٠ ، ٩ / ٥٥ ، ٧٩ ، ٨٠ ، ١٥٢) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦ / ٢١٥) ، موطأ مالك (٤٦٩) ، مصنف ابن أبى شيبة (١٤ / ٤٦١) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٢ / ١ / ٧٧ ، ٧٩) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٨٣ ، ١٨٤ ، ١٩٦) ، دلائل النبوة للبيهقى (٤ / ٢٠٣ ، ٢٢٧).
(٢) انظر السيرة (٣ / ٣٠٤).
(٣) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٩٧).
(٤) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٩٧).