وأصلح منها فقالت له امرأته : لما ذا تعد ما أرى؟ قال : لمحمد واصحابه. قالت : والله ما أراه يقوم لمحمد شيء! قال : والله إنى لأرجو أن أخدمك بعضهم! ثم قال :
إن يقبلوا اليوم فما لى عله |
|
هذا سلاح كامل وأله |
وذو غرارين سريع السلة (١) |
ثم شهد الخندمة ، فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد بن الوليد ناوشوهم شيئا من قتال ، فقتل كرز بن جابر وخنيس بن خالد كانا فى خيل خالد فشذا عنه وسلكا طريقا غير طريقه فقاتلا جميعا وأصيب سلمة بن الميلاء الجهنى من خيل خالد ، وأصيب من المشركين ناس ثم انهزموا فخرج حماس منهزما حتى دخل بيته وقال لامرأته : أغلقى على بابى.
قالت : فأين ما كنت تقول؟ فقال :
إنك لو شهدت يوم الخندمه |
|
إذ فر صفوان وفر عكرمه |
واستقبلتهم بالسيوف المسلمة |
|
يقطعن كل ساعد وجمجمه |
ضربا فلا يسمع إلا غمغمه |
|
لهم نهيت خلفنا وهمهمه |
لم تنطقى فى اللوم أدنى كلمه (٢) |
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لخالد بن الوليد : «لم قاتلت وقد نهيتك عن القتال؟» قال : هم بدءونا ووضعوا فينا السلاح وأشعرونا النبل ، وقد كففت يدى ما استطعت. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قضاء الله خير».
وفر ـ يومئذ ـ صفوان بن أمية عامدا للبحر وعكرمة بن أبى جهل عامدا لليمن ، فأقبل عمير بن وهب بن خلف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا نبى الله ، إن صفوان بن أمية سيد قومه وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه فى البحر فأمنه صلى الله عليك فإنك قد أمنت الأحمر والأسود. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أدرك ابن عمك فهو آمن». قال : يا رسول الله ، فأعطنى آية يعرف بها أمانك. فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمامته التي دخل فيها مكة. فخرج بها عمير حتى أدركه بجدة وهو يريد أن يركب البحر فقال : يا صفوان فداك أبى وأمى! الله الله فى نفسك أن تهلكها فهذا أمان من رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد جئتك به قال : ويلك اغرب عنى فلا تكلمنى.
__________________
(١) ذو غرارين : أى بها سيفا ، والغرار : الحد.
(٢) النهيب : نوع من صياح الأسد. والهمهمة : صوت فى الصدر.