فلما خرج صلىاللهعليهوسلم إلى حنين خرج معه أهل مكة ركبانا ومشاة ، حتى خرج معه النساء يمشين على غير دين نظارا ينظرون ويرجون الغنائم ، ولا يكرهون أن تكون الصدمة برسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه.
وحدث (١) أبو واقد الليثى قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حنين ونحن حديثوا عهد بالجاهلية ، وكانت لكفار قريش ومن سواهم من العرب شجرة خضراء عظيمة يقال لها : ذات أنواط. يأتونها كل سنة فيعلقون عليها أسلحتهم ويذبحون عندها ويعكفون عليها يوما ، قال : فرأينا ونحن نسير معه سدرة خضراء عظيمة فتنادينا من جنبات الطريق : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الله أكبر! قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ، قالَ : إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [الأعراف : ١٣٨] فإنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم» (٢).
وحدث (٣) جابر بن عبد الله قال : لما استقبلنا وادى حنين انحدرنا فى واد من أودية تهامة أجوف حطوط إنما ننحدر فيه انحدارا قال : وذلك فى عمامة الصبح ، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادى فكمنوا لنا فى شعابه وأحنائه ومضايقه ، قد أجمعوا وتهيئوا ، فو الله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد ، وانشمر الناس راجعين لا يلوى أحد على أحد.
وانحاز رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات اليمين ثم قال : «أيها الناس هلم إلى أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله» قال : فلا شيء! حملت الإبل بعضها على بعض وانطلق الناس ، إلا أنه قد بقى مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته ، وفيمن ثبت معه من المهاجرين : أبو بكر وعمرو ومن أهل بيته على بن أبى طالب والعباس وأبو سفيان بن الحارث وابنه والفضل بن عباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن عبيد وهو ابن أم أيمن قتل يومئذ (٤).
قال (٥) : ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء فى رأس رمح طويل
__________________
(١) انظر : السيرة (٤ / ٧٥).
(٢) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٥ / ٢١٨) ، سنن الترمذى (٤ / ٢١٨٠).
(٣) انظر : السيرة (٤ / ٧٥).
(٤) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٣ / ٣٧٦) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦ / ١٧٩).
(٥) انظر : السيرة (٤ / ٧٦).