فما أدرى من استلبه. فقال رجل من أهل مكة : صدق يا رسول الله فأرضه عنى من سلبه. فقال أبو بكر : لا والله لا ترضيه منه تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن دين الله تقاسمه سلبه! اردد عليه سلب قتيله. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : صدق اردد عليه سلبه.
قال أبو قتادة : فأخذته منه فبعته فاشتريت بثمنه مخرفا ، فإنه لأول مال اعتقدته (١).
ولما انهزمت هوازن استحر القتل من ثقيف فى بنى مالك ، فقتل منهم سبعون رجلا تحت رايتهم ، فيهم عثمان بن عبد الله بن ربيعة ومعه كانت راية بنى مالك.
وكانت قبله مع ذى الخمار ، فلما قتل أخذها عثمان فقاتل بها حتى قتل ، فلما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قتله قال : «أبعده الله ، فإنه كان يبغض قريشا» (٢).
وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود ، فلما انهزم الناس هرب هو وقومه من الأحلاف فلم يقتل منهم غير رجلين يقال لأحدهما وهب وللآخر الجلاح ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين بلغه قتل الجلاح : «قتل اليوم سيد شباب ثقيف ، إلا ما كان من ابن هنيدة» (٣). يعنى الحارث بن أويس.
ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجه بعضهم نحو نخلة ، وتبعت خيل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من سلك فى نخلة من الناس ولم تتبع من سلك الثنايا ، فأدرك ربيعة بن رفيع وكان يقال له : ابن الدغنة ، وهى أمه غلبت على اسمه أدرك دريد بن الصمة فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة ، وذلك أنه كان فى شجار له ، فأناخ به فإذا شيخ كبير وإذا هو دريد ولا يعرفه الغلام ، فقال له دريد : ما ذا تريد بى؟ قال : أقتلك. قال : ومن أنت؟ قال : انا ربيعة بن رفيع السلمى. ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا فقال : بئس ما سلحتك أمك! خذ سيفى هذا من مؤخر الرحل ثم اضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ ، فإنى كذلك كنت أضرب الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك.
فزعم بنو سليم أن ربيعة قال : لما ضربته فوقع تكشف فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء. فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه فقالت : أما
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح مسلم (٣ / ١٣٧٠ ، ١٣٧١ ، ٤١) ، مسند الإمام أحمد (٥ / ٣٠٦).
(٢) انظر الحديث فى : مصنف عبد الرزاق (١١ / ١٩٩٠٤).
(٣) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٣٣٥).