نساء بنى الأصفر أن لا أصبر. فأعرض عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «قد أذنت لك» ، ففيه نزلت : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) [التوبة : ٤٩] (١) أى إن كان إنما خشى الفتنة من نساء بنى الأصفر وليس ذلك به فما سقط فيه من الفتنة أكبر لتخلفه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم والرغبة بنفسه عن نفسه ، يقول : وإن جهنم لمن ورائه (٢).
وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض : لا تنفروا فى الحر : زهادة فى الجهاد وشكا فى الحق وإرجافا بالرسول ، فأنزل الله فيهم : (وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [التوبة : ٨١ ، ٨٢].
وبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ناسا من المنافقين يجتمعون فى بيت سويلم اليهودى ، يثبطون الناس عنه فى غزوة تبوك ، فبعث إليهم طلحة بن عبيد الله فى نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم البيت وفعل طلحة ، فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت فانكسرت رجله واقتحم أصحابه فأفلتوا (٣) فقال الضحاك فى ذلك :
وكادت وبيت الله نار محمد |
|
يشيط بها الضحاك وابن أبيرق |
وظلت وقد طبقت كبس سويلم |
|
أنوء على رجلى كسيرا ومرفقى |
سلام عليكم لا أعود لمثلها |
|
أخاف ومن تشمل به النار يحرق |
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جد فى سفره وأمر الناس بالجهاز والانكماش ، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان فى سبيل الله ، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا ، وأنفق عثمان بن عفان فى ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم ارض عن عثمان فإنى عنه راض» (٤).
ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم البكاءون وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم ، سالم بن عمير (٥) ، وعلبة بن زيد (٦) ، وأبو ليلى بن كعب (٧) ، وعمرو
__________________
(١) انظر الحديث فى : زاد المسير لابن الجوزى (٣ / ٣٠٥) ، دلائل النبوة للبيهقى (٥ / ٢١٣).
(٢) انظر الحديث فى : تاريخ الطبرى (٢ / ١٨٢).
(٣) ذكره ابن كثير فى التاريخ (٥ / ٣).
(٤) انظر الحديث فى : كنز العمال للمتقى الهندى (١١ / ٥٩٣ / ٣٢٨٤١) ، جامع الجوامع للسيوطى (١ / ٣٨١).
(٥) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٨٨٥) ، الإصابة الترجمة رقم (٣٠٥٣) ، أسد الغابة ـ