وأما معد ، فذكر الزبير بن أبى بكر رحمهالله ، أن بختنصر لما أمر بغزو بلاد العرب وإدخال الجنود عليهم فيها ، وقتل مقاتلهم لانتهاكهم معاصى الله ، واستحلالهم محارمه وقتلهم أنبياءه ، وردهم رسالاته ، أمر أرميا بن حلقيا ، وكان فيما ذكر نبى بنى إسرائيل فى ذلك الزمان : أن ائت معد بن عدنان الذي من ولده محمد خاتم النبيين ، فأخرجه عن بلاده واحمله معك إلى الشام ، وتول أمره قبلك.
ويقال : بل المحمول عدنان ، والأول أكثر.
وفى حديث عن ابن عباس ، أن الله بعث ملكين ، فاحتملا معدا ، فلما أدبر الأمر رده فرجع إلى موضعه من تهامة ، بعد ما دفع الله بأسه عن العرب ، فكان بمكة وناحيتها مع أخواله من جرهم ، وبها منهم بقية هم ولاة البيت يومئذ ، فاختلط بهم وناكحهم.
فولد معد بن عدنان نفرا ، منهم قضاعة ، وكان بكره الذي به يكنى فيما يزعمون ، وقنص ، ونزار ، وإياد.
فأما قضاعة فتيامنت إلى حمير بن سبأ وانتمت إلى ابنه مالك بن حمير ، حتى قال قائل منهم يفخر بذلك :
نحن بنو الشيخ الهجان الأزهر |
|
قضاعة بن مالك بن حمير |
النسب المعروف غير المنكر |
|
فى الحجر المنقوش تحت المنبر (١) |
وأنكر كثير من الناس منتماهم هذا ، وجرت بينهم وبين من قال به من القضاعيين فى ذلك أقاويل معروفة وأشعار محفوظة.
قال الزبير : ولم يجتمع رأى قضاعة على الانتساب فى اليمن ، بل أهل العلم منهم والدين مقيمون على نسبهم فى معد.
وأما قنص بن معد ، فهلكت بقيتهم فيما زعموا ، وكان منهم النعمان بن المنذر ملك الحيرة (٢).
واحتج من قال ذلك بأن عمر ـ رضى الله عنه ـ حين أتى بسيف النعمان بن
__________________
(١) انظر : السيرة (١ / ٢٨).
(٢) انظر : السيرة (١ / ٢٨).