والمراد بالأنواء منازل القمر الثمانية والعشرون المعروفة المطالع في أزمنة السنة ، أولها الشّرطان (١٧) وهو النطح (١٨) ، وآخرها الرشاء وهو بطن الحوت.
وقد كانت العرب إذا سقط منها نجم / وطلع آخر ، قالوا : لا بد عند ذلك من مطر ورياح ، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى النجم الساقط حينئذ ، وقال الأصمعي : بل ينسبونه إلى الطالع ، فيقولون : مطرنا بنوء الثريا ونحوه ؛ فورد النهي عن ذلك بأحاديث كثيرة.
قال العلماء : فمن قال ذلك معتقدا أن النجم هو الفاعل كفر ، ومن قال معتقدا أن الله هو الفاعل ، وأن النجم علامة لنزول المطر لم يكفر ، بل يرتكب مكروها لتلفظه بلفظ كانت الجاهلية تستعمله ، وقد نهينا عن استعمال ألفاظهم.
ومنها : أنه إذا كثر المطر وخيف الضرر على المساكن والزرع ونحوه ، يسأل الله تعالى رفعه فنقول : «اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآكام (١٩)
__________________
(١٧) الشرطان : في الأصل (الشرطين) وهو تحريف ، والشرطان نجمان من الحمل وهما قرناه ، وإلى جانب الشمالي منهما كوكب صغير ، ومن العرب من يعده معهما فيقول هو ، أي هذا المنزل ، ثلاثة كواكب ، ويسميها الأشراط (التاج : شرط).
(١٨) النطح ، والناطح : الشرطان ، وهما قرنا الحمل ، وهما يثنيان معا لأن أحدهما لا ينفصل عن الآخر ، وتكون حالتهما واحدة في كل شيء.
قال ابن سيده : والنطح نجم من منازل القمر يتشاءم به (التاج : نطح ، شرط).
(١٩) على الآكام : وهو بيان لقوله صلىاللهعليهوسلم في بداية الحديث : «حوالينا ولا علينا» والآكام والإكام والأكام : جمع أكمة : وهي التل مما ارتفع من متن الأرض من حجارة واحدة أو هي دون الجبال ، أو هي الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله ، وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا ، وقيل : إن الإكام جمع لأكم وجمع الأكم آكام ، وكل ذلك بمعنى التراب المجتمع.