مالك بن العجلان (٥٩) وهو ابن عم سالم بن عوف الخزرجي (٦٠) ، فلما قتل الملك وقعت الصيحة باليهود ، فقتلوهم أبرح القتل ، وأبقوا منهم قوما قليلا لعمارة الأراضي ، وملك الأوس والخزرج يثرب حتى بعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فهداهم لطاعته ، ولم يسلم قبلهم بطن من العرب ، فصارت تلك فضيلة فضلهم الله تعالى بها على كل أحد ، ثم خرجوا من يثرب مهاجرة إلى مكة ، وهم سبعون رجلا وامرأة واحدة ، فبايعوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على جمرة العقبة (٦١) جهرا. ثم قالوا : يا رسول الله ، قد اتبعناك تصديقا لقولك وإيمانا بخالقك فاشترط لربك ولنفسك. فقال : «أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، ولنفسي [أن تمنعوني] مما تمنعون منه نفوسكم وأبناءكم ونساءكم». قالوا : فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال : «الجنة». قالوا : رضينا ، فبايعوه بذلك على رؤوس الأشهاد ، وجميع الحيين من ربيعة ومضر حاضرون بمنى ، ثم قالوا : أتأمرنا يا رسول الله نميل بأسيافنا على من [في] هذه الشعاب؟ فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : «ما أمرت بذلك» (٦٢).
__________________
(٥٩) مالك بن العجلان الخزرجي : سيد الخزرج والأوس في زمانه بالمدينة (يثرب) في الجاهلية ، اشتهر بحربه مع بني عمرو بن عوف ، وما كان بعدها ، وكان شاعرا وله قصيدة من المذهبات (الأعلام ٥ / ٢٦٣) ، و (الأغاني ٣ / ١٨ ـ ٤٠) ، و (جمهرة أشعار العرب ١٢٢).
(٦٠) سالم بن عوف الخزرجي : هو سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج ، جد جاهلي من بنيه عبادة بن الصامت أحد نقباء الأنصار ، وعدة من الصحابة ، وهو ابن عم مالك بن العجلان المترجم له في التعليق السابق (الأعلام ٣ / ٧٢) ، و (السيرة النبوية لابن هشام ١ / ٤٤٤ و٥١٤).
(٦١) جمرة العقبة : موضع رمي الجمار بمنى ، وسميت جمرة العقبة والجمرة الكبرى لأنه يرمى بها يوم النحر ، وهي في آخر منى مما يلي مكة (معجم البلدان ٢ / ١٦٢).
(٦٢) الحديث : بروايات متعددة وبالفاظ مقاربة في كتب السنة ، فكأن المصنف جمع هنا عدة أحاديث في رواية واحدة ، فبعضه في مسلم أو في (البخاري ١ / ١٢ و٢ / ٣٢٩) ، وكله قطع متفرقة في (مسند أحمد ٤ / ١١٩ ـ ١٢٠ و٣ / ٣٢٢ و٣٣٩ و٤٦١) و (حدائق الأنوار ٢ / ٣٩ ، ٤٠) و (السيرة النبوية لابن كثير عن الصحيحين ٢ / ١٧٩) و (السيرة النبوية لابن هشام ١ / ٤٣٣) و (تفسير ابن كثير ، سورة الممتحنة ، عن الصحيحين ٦ / ٦٣٥).