منعت شيئا فأكثرت الولوع به |
|
أحب شيء إلى الإنسان ما منعا (٤٦) |
فلما وقف الشيخ على مصنفاتهم ، وعرف فساد عقائدهم ، ازداد غيظا ، وأمر بقتلهم واسترقاق أولادهم ونسائهم ، فخرجوا من الأوطان. وتمزقت أحوالهم في جميع البلدان.
فلما كان الأمر كذلك انتهى العلم إلى الفقيه العلامة تاج العارفين شرف الدين ، إسماعيل بن أبي بكر المقري (٤٧) إلى زبيد ، فاستقبح فعل الشيخ (٤٨) وأنكر عليه ولامه وكتب إليه فقال : إن هؤلاء يعدل بهم عن أحكام الدين؟! فضاق صدر الشيخ من كتابه ، وعتب عليه في جوابه ، ومن تلك الساعة لم يزل بينهم الجدال في المكاتبات والرسائل والبلاغات ، حتى اجتمع من تلك الرسائل كتاب كامل.
فلما وقفت على ذلك جمعته وألفته وسميته كتاب اختلاف الفرقة الإسلامية في تكفير المعاهدين ، وهم فرقة من الباطنية ، وهو كتاب مفيد ، فيه من الحجج الواضحات والبراهين القاطعات والدلائل والاستشهادات ، والدقائق والبحوثات ، والمسائل والجوابات ، ما يتعجب منه الناظر ، وينشرح به الخاطر ، لأن معظم
__________________
(٤٦) البيت للأحوص ، وهو في (ديوانه ١٣٣) وفي (النوادر للأنصاري ٢٧) وفي (الأغاني ٤ / ٧٣) وفي (عيون الأخيار ٢ / ٣) وفي (العقد الفريد ٣ / ١٤١) وفي (جمع الهوامع ٢ / ١٦٦) وفي (الدرر اللوامع ٢ / ٢٢٤) وفي (نهاية الأرب ٢ / ١٤٧) وفي (اللسان : حبب) والرواية فيه :
وزاده كلفا في الحب أن منعت |
|
وحبّ شيئا إلى الإنسان ما منعا |
(٤٧) إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله بن إبراهيم الشرجي الحسيني الشاوري اليمني ، ابن المقري (٧٥٥ ـ ٨٣٧ ه) ـ (١٣٥٤ ـ ١٤٣٣ م) : باحث من أهل اليمن نسبته إلى أبيات حسين (باليمن) مولده فيها ، والشارجي نسبته إلى (شرجة) من سواحلها ، والشاوري نسبة إلى (بني شاور) قبيلة أصله منها ، تولى التدريس بتعز وزبيد ، وولي إمرة بعض البلاد ، في دولة الأشرف ، ومات بزبيد ، له تصانيف كثيرة (الأعلام ١ / ٣٠٠ ـ ٣١١).
(٤٨) فعل الشيخ : أي الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم.