الدجى ومفاتيح الهدى وحبل الله المتين.
قال له : صدقت سل عمّا بدا لك؟ قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول الله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١) قال عليهالسلام : نعم يا بيهس قد سألت عنه غيري؟ قال : لا كرامة لهم وهذا علم لا يعلمه إلّا نبي أو وصيّ.
قال عليهالسلام : أمّا قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) فنور أنزل على الدنيا. قال : كيف انزل؟ قال عليهالسلام : لمّا استوى الربّ على العرش أراد أن يستضيء ضوء بنورنا وإنّ نورنا من نوره ، فأمر الله النور أن ينطق فنطق حول العرش فعلمت الملائكة بذلك فخرّوا له سجّدا لحلاوة كلام نورنا ، فلذلك سمّيت القدر فإنّها لنا ولمن يتولّانا ، وليس لغيرنا فيه نصيب فكان نورنا عند العرش ناميا صباحا ، والملائكة يسلّمون علينا ، فلمّا أن خلق الله آدم رفع رأسه فنظر إلى نورنا فقال آدم : إلهي وسيّدي منذ كم نورهم تحت عرشك؟ فقال الله تبارك وتعالى : يا آدم من قبل أن خلقتك وخلقت السماوات والأرض والجبال والبحار والجنّة والنار بأربعة وعشرين ألف عام وأنت في بعض أنوارهم ، فلمّا أن هبط آدم عليهالسلام إلى الدنيا كانت الدنيا مظلمة ، فقال آدم عليهالسلام : بإذن ربّهم. أتدري أي إذن كان؟ قال : لا. قال : أنزل الله تعالى إلى جبرائيل يا ربّ بحقّ محمّد وعلي إلّا رددت عليّ النور الذي كان لي ، فأهبطه الله تبارك وتعالى إلى الدنيا فكان آدم يستضيء بنورنا ، فلذلك سمّي ليلة القدر ؛ فلمّا بقي آدم عليهالسلام في الدنيا وعاش فيها أربعمائة سنة أنزل الله عليه تابوتا من نور له اثنا عشر بابا ، لكلّ باب وصي قائم يسير بسيرة الأنبياء.
قال : يا ربّ من هؤلاء؟ قال الله عزوجل : يا آدم أوّل الأنبياء أنت والثاني نوح والثالث إبراهيم والرابع موسى والخامس عيسى والسادس محمد خاتم الأنبياء. وأمّا الأوصياء أوّلهم شيث ابنك والثاني سام بن نوح والثالث إسماعيل بن إبراهيم والرابع يوشع بن نون والخامس شمعون الصفا والسادس علي بن أبي طالب عليهالسلام وآخرهم القائم من ولد محمد الذي أظهر به ديني على الدين كلّه ولو كره المشركون. قال : فسلّم آدم التابوت إلى شيث وقبض آدم ، فلذلك قال الله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) وإنّ نورنا أنزله الله إلى الدنيا حتى يستضيء بنورنا المؤمنون ويعمى
__________________
(١) القدر : ١.