لأنّ أوّل صفاته ربّ الجنود ولم يكن المسيح ابن مريم كذلك والصفة الثانية كونه حجرة عثرة.
فإن قلت : إنّهم قد عثروا بالمسيح أي شكّوا فيه. قلت : إنّ مطلق الشك لا يكفي في صدقه عليه لقوله : يعثرون ويسقطون الخ ، والصفة الثالثة كونه يغطي وجهه عن إسرائيل ، وابن مريم كان مختصّا بدعوتهم ، كما صرّح به في الفصل الخامس عشر في الآية الثانية والأربعين من متى فلا يصدق عليه. والصفة الرابعة كونه ناسخا لما قبله من الشرائع كلّها لقوله : أطووا الشهادة واختموا الصحف ، وعيسى ابن مريم عليهالسلام يقول في الفصل العاشر في الآية الخامسة من متى ما ترجمته : هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم عيسى وأمرهم وهو يقول : لا تنطلقوا إلى طريق العوام ، ولا تدخلوا في أحد أمصار السامريين ، بل اذهبوا إلى غنم بيت إسرائيل الضالة. ويقول في الفصل التاسع عشر في الآية السابعة عشرة من متى ما ترجمته : لكنك إن أردت أن تلج الحياة فحافظ على الأحكام الخ (١). وهذه كلّها صريحة في خصوصية نبوّته وعدم نسخ ناموس موسى فلا يصدق عليه ، فلا دلالة له عليه.
إذا فهمت هذا فاعلم أنّ غاية هذا الفصل التبشير ببعثة محمّد صلىاللهعليهوآله والإخبار بعد بعثته بظهور المهدي عليهالسلام. إلى أن يقول بعد كلام طويل : ولربّ الجنود الذي يسكن في صهيون ، إشارة إلى المهدي عليهالسلام لأنّه وصف محمّدا صلىاللهعليهوآله بربّ الجنود الذي يغطي وجهه عن إسرائيل ، فإذا كان كذلك لا يمكن أن يسكن في صهيون ، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء وصرّحوا بأنّ المهدي عليهالسلام يستقرّ في اورشليم ويعمرها بأموال الهند ، وفي هذا البرهان إقناع كامل لليهود والنصارى والمسلمين معا.
__________________
(١) إنجيل متى من العهد الجديد ، متى ١٠ ، الآية ٥.