إذ ظهوره قبل نزول عيسى فيكون في نزوله آخر المصدّقين بهذه الملّة ، والمهدي عليهالسلام قبله صدّق بهذه الملّة قبل نزوله ، والنبي فهو صاحب الملة لا بدّ أن يكون أولا ، فعلى هذا يكون آخر المصدّقين والمعتنين لأنّه آخر الامّة.
يشهد بصحّة هذا التأويل لفظ الخبر لأنّه قال : كيف تهلك أمّة أنا أوّلها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها ، والمسيح ليس من أمّتنا هذه وإنّما نبيّها منها بلا خلاف لأنّه إمام آخر الزمان ، ومن ولد رسول الله ، ومن ولد علي وفاطمة ، والمسيح ليس من النبي صلىاللهعليهوآله ولا من علي وفاطمة ، ولا من أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، بل هو آخر من ينزل لنصرة ملّة محمّد وآخر من يدعو إليها ، لأنّ المهدي يكون قبل نزوله وقد تبعت الامّة وقد دخلت تحت أمره ونهيه ، بدليل ما ورد في هذه الأخبار الصحاح أن المسيح يصلّي خلفه ، إمّا صلاة الصبح أو صلاة العصر كما تقدّمت الرواية ، فصار آخر هذه الامّة داعيا ومصدّقا ، لأنّه منفرد ببقاء الدولة ، والنبي أوّل داع إلى ملّة الإسلام والمهدي أوسط داع والمسيح آخر داع ، معنى هذا الخبر ، فلله الحمد والمنّة.
وفيه عنه صلىاللهعليهوآله : لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (١).
أقول : اورد أنّ بعض هذه الصفات لا ينطق عليه عليهالسلام ، فإنّ اسم أبيه عليهالسلام لا يوافق اسم والد النبي صلىاللهعليهوآله ، ويمكن أن يجاب شيوع إطلاق لفظ الأب على الجدّ الأعلى كقوله تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (٢) ، وفي حديث الإسراء أنّ جبرئيل قال : هذا أبوك إبراهيم (٣). ويمكن أن يجاب : إطلاق الاسم على الكنية واللقب كما سمّي علي أبو تراب فكان كنية أبيه أبو محمد كما كان كنية أب النبي صلىاللهعليهوآله أبو محمد ، ويمكن أن يكون أبي مصحّف ابني كما هو الظاهر.
وفيه عنه صلىاللهعليهوآله : المهدي من عترتي ومن ولد فاطمة (٤). وقال صلىاللهعليهوآله : المهدي منّا أهل البيت ، يصلحه الله عزوجل في ليلة (٥).
وعن الحمويني عن ابن عبّاس : قال رسول الله : إنّ علي بن أبي طالب إمام أمّتي وخليفتي عليها بعدي ، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما
__________________
(١) العمدة : ٤٣٦ ومسند أحمد : ١ / ٣٧٦ ط الميمنية.
(٢) الحج : ٧٨.
(٣) روضة الواعظين : ٥٨.
(٤) كنز العمال : ١٤ / ٢٦٤ ح ٣٨٦٦٢.
(٥) مسند أبي يعلى : ١ / ٣٥٩ ح ٤٦٥.