وقبر ببغداد لنفس زكية |
|
تضمّنها الرّحمن في الغرفات |
قال : قال لي الرضا : أفلا الحق البيتين بقصيدتك؟ قلت : بلى يا ابن رسول الله ، فقال عليهالسلام :
وقبر بطوس يا لها من مصيبة |
|
توقد في الأحشاء بالحرقات |
إلى الحشر حتّى يبعث الله قائما |
|
يفرّج عنّا الهمّ والكربات |
قال دعبل : ثمّ قرأت بواقي القصيدة عنده فلما انتهيت إلى قولي :
خروج إمام لا محالة واقع |
|
يقوم على اسم الله والبركات |
يميّز فينا كلّ حقّ وباطل |
|
ويجزي على النعماء والنقمات |
بكى الرضا عليهالسلام بكاء شديدا ثمّ قال : يا دعبل نطق روح القدس بلسانك ، أتعرف من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟ قلت : لا إلّا أني سمعت خروج إمام منكم يملأ الأرض قسطا وعدلا.
فقال : إنّ الإمام بعدي ابني محمد وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم ، وهو المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، وأما متى يقوم فإخبار عن الوقت (١).
وفي عيون أخبار الرضا عليهالسلام من طرق الشيعة هكذا ، إلّا أن فيه : لقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عن النبي قيل له : يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال : مثله مثل الساعة لا يجلّيها لوقتها إلّا هو ثقلت في الأرض لا تأتيكم إلّا بغتة (٢).
أقول : ولما انجرّ الكلام إلى هذا فلا ضير أن نذكر بقية حال دعبل من بركة هذه القصيدة فتكون على بصيرة من أمرك.
في إكمال الدين : نهض الرضا عليهالسلام بعد فراغ دعبل من إنشاده القصيدة ، وأمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار ، فلمّا كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية ، فقال له : يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك. فقال : والله ما لهذا جئت ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شيء يصل إلي ، وردّ الصرّة وسأل ثوبا من ثياب الرضا عليهالسلام ليتبرّك به ويتشرّف ، وأنفذ إليه الرضا بجبّة خزّ مع الصرّة وقال للخادم : قل له يقول لك مولاي خذ هذه الصرّة فإنّك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها.
__________________
(١) ينابيع المودّة : ٣ / ٣٠٩ وفرائد السمطين : ٢ / ٣٣٧ ح ٥٩١.
(٢) عيون أخبار الرضا : ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ح ٣٤ باب ٦٦.