ومن أبغضهم فقد أبغضني ، ومن أنكرهم فقد أنكرني ومن عرفهم فقد عرفني ، بهم يحفظ الله دينه وبهم يعمر بلاده وبهم يرزق عباده ، وبهم ينزل القطر من السماء وبهم يخرج بركات الأرض ، هؤلاء أوصيائي وخلفائي وأئمّة المسلمين وموالي المؤمنين (١).
وفيه : لمّا مات أبو بكر وبويع عمر وعلي جالس ناحية ، إذ أقبل يهودي عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتّى قام على رأس عمر بن الخطّاب فقال : يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الامّة بكتابهم وأمر نبيّهم ، فطأطأ عمر رأسه ، فأعاد عليه القول فقال له عمر : ولم ذلك؟ فقال : إنّي جئت مرتاد النفس ، شاكّا في ديني اريد الحجّة وأطلب البرهان. فقال له عمر : دونك هذا الشاب ، وأشار إلى أمير المؤمنين علي عليهالسلام. فقال الغلام : ومن هذا؟ قال عمر : هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وأبو الحسن وأبو الحسين ابني رسول الله ، وزوج فاطمة بنت رسول الله ، وأعلم الناس بالكتاب والسنّة. قال : فقام الغلام إلى علي عليهالسلام فقال : أنت كذلك؟ فقال عليهالسلام له : نعم.
قال الغلام : اريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة ، فتبسّم أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : يا هاروني ما منعك أن تقول عن سبع؟ فقال : اريد أن أسألك عن ثلاث فإن علمتهنّ سألتك عمّا بعدهنّ ، وإن لم تعلمهن علمت أنّه ليس فيكم علم. قال أمير المؤمنين عليهالسلام : فإنّي أسألك بالإله الذي تعبده لئن أجبتك عن ما تسألني لتدعن دينك ولتدخلن في ديني؟ قال : ما جئت إلّا لذلك. قال : فسل. قال : فأخبرني عن أوّل قطرة دم قطرت على وجه الأرض ، أي قطرة دم هي؟ وأوّل عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي؟ وأوّل شجرة اهتزّت على وجه الأرض أي شجرة هي؟
فقال عليهالسلام : يا هاروني أما أنتم فتقولون : أوّل قطرة دم قطرت على وجه الأرض حيث قتل أحد ابني آدم ، وليس كذلك ولكنّه حيث طمثت حوّاء ، وذلك قبل أن تلد ابنيها. وأمّا أنتم فتقولون : أوّل عين فاضت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس ، وليس هو كذلك ولكنّها عين الحياة التي وقف عليها موسى وفتاه ومعهما النون المالح ، فسقط فيها فحيي وهذا الماء لا يصيب ميتا إلّا وحيي. وأمّا أنتم فتقولون : أوّل شجرة اهتزت على وجه الأرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح ، وليس كذلك ولكنّها النخلة التي اهبطت من الجنّة ، وهي
__________________
(١) أعلام الورى : ٣٩٩ الفصل الثاني من النص عليهم.