العجوة ، ومنها تفرع كلّ ما ترى من أنواع النخل.
فقال : صدقت والله الذي لا إله إلّا هو ، إنّي لأجد هذا في كتب أبي هارون ، كتابته بيده واملاء عمّي موسى ، ثمّ قال : أخبرني عن الثلاث الأخر ، عن أوصياء محمّد كم بعده من أئمّة عدل وعن منزله في الجنة ومن يكون ساكنا معه في الجنّة وفي منزله؟ فقال عليهالسلام : يا هاروني إنّ لمحمّد اثني عشر وصيّا أئمّة عدل لا يضرّهم خذلان من خذلهم ، ولا يستوحشون خلاف من خالفهم ، وإنّهم أرسب في الدين من الجبال الرواسي في الأرض ، ومسكن محمّد في جنّة عدن التي ذكرها الله عزوجل وغرسها بيده ، ومعه في مسكنه فيه الأئمّة الاثنا عشر العدول. فقال : صدقت والله الذي لا إله إلّا هو ، إنّي لأجد ذلك في كتب أبي هارون ، كتابته بيده وإملاء عمّي موسى عليهالسلام. قال : فأخبرني عن الواحدة : كم يعيش وصيّ محمّد بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟ فقال عليهالسلام : يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص يوما ، ثمّ يضرب ضربة هاهنا ، ووضع يده على قرنه وأومأ إلى لحيته ، فتخضب هذه من هذه. قال : فصاح الهاروني وقطع كستيجه (١) وقال : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّك وصي رسول الله ، ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تستضعف ، ثمّ مضى به علي إلى منزله فعلّمه معالم الدين (٢).
أقول : قد ورد هذا الخبر بطرق مختلفة باختلاف يسير تركناها خوفا من الإطالة.
وفي أعلام الورى عن أبي جعفر محمد بن علي الثاني قال عليهالسلام : أقبل أمير المؤمنين ذات يوم ومعه الحسن بن علي وسلمان الفارسي ، وأمير المؤمنين متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس ؛ إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلّم على أمير المؤمنين عليهالسلام فرد ، فجلس ثمّ قال : يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهنّ علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ، ولا في آخرتهم ، وإن تكن الاخرى علمت أنك وهم شرع سواء.
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : سلني عمّا بدا لك. فقال : أسألك عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟
__________________
(١) الكستيج بالضم : حبل غليظ يشدّه الذمّي فوق ثيابه دون الزنار.
(٢) أعلام الورى : ٣٨٨ الفصل الثاني من النص عليهم.