في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا ، اولئك منّا ونحن منهم ، قد رضوا بنا أئمّة ورضينا بهم شيعة ، فطوبى لهم ثمّ طوبى لهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة (١).
قال الناقل لهذا الحديث الفاضل المحقّق الحاج ميرزا إبراهيم الخوئي في أربعينه : أحد العلل التي من أجلها وقعت الغيبة الخوف كما ذكر في هذا الحديث ، وقد كان موسى بن جعفر عليهماالسلام في ظهوره كاتما لأمره وكان شيعته لا يجترءون على الإشارة إليه خوفا من طاغية زمانهم ، حتّى أنّ هشام بن الحكم لما سئل في مجلس يحيى بن خالد عن الدلالة على الإمام أخبر بها ، فلمّا قيل له : فمن هذا الموصوف؟ قال : صاحب أمير المؤمنين هارون الرشيد ، وكان هو خلف الستر قد سمع كلامه ، فقال : أعطانا والله من جراب النورة ، فلمّا علم هشام أنّه قد أتى هرب ، فطلب فلم يقدر عليه فخرج إلى الكوفة ومات بها عند بعض الشيعة فلم يكف عنه الطلب حتّى وضع ميتا بالكناسة وكتب رقعة معه : هذا هشام بن الحكم الذي يطلبه أمير المؤمنين حتّى نظر إليه القاضي والعدول وصاحب المعونة والعامل ، فحينئذ كفّ الطاغية عنه (٢).
وفي الأربعين عن علي بن موسى عليهالسلام لحسن بن محبوب : لا بدّ من فتنة صمّاء صيلم (٣) ، يسقط منها كل بطانة ووليجة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي ، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض ، وكل حيرى وحيران وكل حزين ولهفان ، ثمّ قال : بأبي وأمّي سمي جدّي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه حتوب (٤) النور ويتوقّد من شعاع ضياء القدس ، يحزن لموته أهل الأرض والسماء ، وكم من مؤمنة وكم من مؤمن متأسّف حيران حزين عند فقدان الماء المعين ، كأني بهم آيس ما كانوا وقد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب ، يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على الكافرين (٥).
وفيه عن عبد العظيم بن عبد الله عن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : دخلت على سيدي محمد بن علي بن موسى عليهمالسلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره ، فابتدأني فقال : يا أبا القاسم إنّ القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته
__________________
(١) كمال الدين : ٣٦١ ح ٥ باب ٣٤.
(٢) كمال الدين : ٣٦٨ ح ٥.
(٣) الفتنة الصماء : هي التي تدع الناس حيارى لا يجدون المخلص منها ، والصيلم الشديد من الداهية.
(٤) في الإمامة والتبصرة : عليه جيوب.
(٥) الإمامة والتبصرة : ١١٤ ومختصر البصائر : ٣٨.