ويطاع في ظهوره ، وهو الثالث من ولدي ، والذي بعث محمّدا بالنبوّة وخصّنا بالإمامة إنّه لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، وإنّ الله تبارك وتعالى يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى ، إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبي ، ثمّ قال عليهالسلام : أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج (١).
وفيه عن صغير بن دلف قال : سمعت أبا جعفر الثاني يقول : إنّ الإمام بعدي ابني علي ، أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي ، والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه ، ثمّ سكت فقلت له : يا ابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكى عليهالسلام بكاء شديدا ثمّ قال عليهالسلام : إنّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر ، فقلت له : يا ابن رسول الله ولم سمّي القائم؟ قال : لأنّه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقلت له : ولم سمّي المنتظر؟ قال عليهالسلام : لأنّ له غيبة تكثر أيّامها ويطول أمدها ، فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزىء بذكره الجاحدون ويكذّب فيها الوقّاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون (٢).
وفيه عن محمد بن عبد الله الحسيني : قلت لمحمد بن علي بن موسى عليهمالسلام : إنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمّد صلىاللهعليهوآله الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
فقال : يا أبا القاسم ما منّا إلّا قائم بأمر الله عزوجل وهاد إلى دينه ، ولكن القائم الذي يطهّر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها قسطا وعدلا هو الذي يخفى عن الناس ولادته ، ويغيب عنهم شخصه ، ويحرم عليهم تسميته ، وهو سمّي رسول الله وكنيّه وهو الذي تطوى له الأرض ويذلّ له كلّ صعب ، يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض وذلك قول الله عزوجل (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٣) فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر أمره ، فإذا أكمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عزوجل فلا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله عزوجل.
__________________
(١) كفاية الأثر : ٢٨١.
(٢) كمال الدين : ٣٧٨ وكفاية الأثر : ٢٨٣.
(٣) سورة البقرة : ١٤٨.