قيس اخت الضحّاك بن قيس وكانت من المهاجرات الاول فقال : حدّثيني حديثا سمعته عن رسول الله لا يسند إلى أحد غيره؟ فقالت : لئن شئت لأفعلن. فقال لها : أجل حدّثيني. فقالت : نكحت ابن المغيرة ، وكان من خيار شباب قريش يومئذ فأصيب في أوّل الجهاد مع رسول الله ، ولما تأيّمت (١) خطبني عبد الرّحمن بن عوف في نفر من أصحاب محمد ، وخطبني رسول الله على مولاه اسامة بن زيد وكنت حدثت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من أحبّني فليحبّ اسامة ، فلمّا كلّمني رسول الله صلىاللهعليهوآله قلت : أمري بيدك فأنكحني من شئت. فقال : انتقلي إلى بيت أمّ شريك ، وأمّ شريك امرأة غنية عظيمة النفقة في سبيل الله تنزل عليه الضيفان ، فقلت : سأفعل ، قال : لا تفعلي إنّ أمّ شريك كثيرة الضيفان فإنّي أكره أن يسقط عنك خمارك ، وينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ، ولكن انتقلي إلى ابن عمّك عبد الله بن عمرو بن أمّ مكتوم ، وهو رجل من بني فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه ، فانتقلت إليه فلما انقضت عدّتي سمعت نداء المنادي ، منادي رسول الله ينادي : الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد فصلّيت مع رسول الله ، فكنت في الصفّ الذي يلي ظهور القوم.
فلمّا فرغ رسول الله من صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال : ليلزم كلّ إنسان مصلّاه ثمّ قال : هل تدرون لم جمعتكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. فقال : إنّي والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأنّ تميما كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم ، وحدّثني حديثا وافق الذي احدّثكم عن مسيح الدجال ، حدّثني أنّه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس ، فجلسوا في ما يقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة ، أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره لكثرة الشعر فقالوا : ويلك من أنت؟ قالت : أنا الجسّاسة. قالوا : وما الجسّاسة؟ قالت : أيّها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنّه إلى خبركم بالأشواق. قال : سمت لنا رجلا فزعنا منها أن تكون شيطانة.
قال : انطلقنا سريعا حتّى دخلنا الدير فإذا أعظم إنسان ما رأيناه قط خلقا وأشدّه وثاقا ، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا : ويلك ما أنت؟ قال : قدرتم
__________________
(١) تأيمت : أصبحت من الأيامى.