فتبيّنوا يا معشر الشيعة هذه الأحاديث المروية عن أمير المؤمنين عليهالسلام ومن بعده الأئمّة واحذروا ما حذروكم وتأمّلوا ما جاء عنهم تأمّلا شافيا وتفكّروا فيه تفكّرا ، فلو لم يكن في التحذير شيء أبلغ من قولهم : إنّ الرجل يصبح على شريعة من أمرنا ويمسي وقد خرج منها ، ويمسي على شريعة من أمرنا ويصبح وقد خرج منها ، أليس هذا دليلا على خروج من نظام الإمامة وترك ما كان يعتقد منها إلى بنيّات الطريق؟ وفي قوله عليهالسلام : والله لتكسّرن تكسّر الزجاج ، وإنّ الزجاج ليعاد فيعود كما كان ، والله لتكسّرن تكسّر الفخار فإنّ الفخار ليكسّر فلا يعود كما كان ، فضرب ذلك مثلا لمن يكون على مذهب الإمامية فيعدل عنه إلى غيره بالفتنة التي تعرض له ، ثمّ تلحقه السعادة بنظرة من الله فيتبيّن ظلمة ما دخل فيه وصفيّ ما خرج منه ، فيبادر قبل موته بالتوبة والرجوع إلى الحقّ ، فيتوب الله عليه ويعيده إلى حاله في الهدى ، كالزجاج الذي يعاد بعد تكسيره فيعود كما كان. ولمن يكون على هذا الأمر فيخرج عنه ويتمّ على الشقاء بأن يدركه الموت وهو على ما هو عليه غير تائب منه ، [وغير] عائد إلى الحقّ فيكون مثله كمثل الفخار الذي يكسر فلا يعاد إلى حاله ؛ لأنّه لا توبة له بعد الموت ولا في ساعته. نسأل الله الثبات على ما منّ به علينا وأن يزيد في إحسانه إلينا فإنّما نحن له ومنه.
وفيه عن أبي جعفر عليهالسلام : لتمحصن يا شيعة آل محمّد تمحيص الكحل في العين ، وإنّ صاحب الكحل يدري متى ما يقع الكحل في عينه ، ولا يعلم متى يخرج منها ، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا ويمسي وقد خرج منها ، ويمسي على شريعة من أمرنا ويصبح وقد خرج منها (١).
وفيه عن إبراهيم بن هليل قلت لأبي الحسن عليهالسلام : جعلت فداك مات أبي على هذا الأمر وقد بلغت من السنين ما قد ترى ، أموت ولا تخبرني بشيء ، فقال : يا أبا إسحاق أنت تعجل.
فقلت : إي والله أعجل ، وما لي لا أعجل وقد بلغت أنا من السن ما قد ترى؟ قال : أما والله يا أبا إسحاق ما يكون ذلك حتّى تميّزوا وتمحّصوا وحتى لا يبقى منكم إلّا الأقل ثمّ صفر كفّه(٢).
وفيه عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام : والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتّى تمحّصوا
__________________
(١) غيبة النعماني : ٢٠٦ ح ١٢ باب ١٢.
(٢) غيبة النعماني : ٢٠٨ ح ١٤ باب ١٢.