بالفضل على ولد الحسن كما خصّ ولد هارون على ولد موسى وإن كان موسى حجّة على هارون والفضل لولده إلى يوم القيامة. ولا بدّ للامّة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقّقون لئلّا يكون للناس على الله حجّة بعد الرسل ، وإنّ الحيرة لا بدّ واقعة بعد مضيّ أبي محمّد الحسنعليهالسلام.
فقلت : يا مولاتي هل كان للحسن ولد؟ فتبسّمت ثمّ قالت : إذا لم يكن للحسن عقب فمن الحجّة من بعده ، وقد أخبرتك أنّ الإمامة لا تكون للأخوين بعد الحسن والحسين. فقلت : يا سيّدتي حدّثيني بولادة مولاي وغيبته؟ قالت : نعم ، كانت لي جارية يقال لها نرجس فزارني ابن أخي وأقبل يحدّ النظر إليها فقلت له : يا سيدي لعلّك هويتها فأرسلها إليك؟ فقال : لا يا عمّة لكن أتعجّب منها. فقلت : وما أعجبك؟ فقال عليهالسلام : سيخرج منها ولد كريم على الله عزوجل الذي يملأ الله به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. قلت : فأرسلها إليك يا سيّدي؟ فقال : استأذني في ذلك أبي عليهالسلام.
قالت : فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن فسلّمت وجلست فبدأني وقال : حكيمة ابعثي بنرجس إلى ابني أبي محمّد. قالت : فقلت : يا سيدي على هذا قصدتك أن أستأذنك في ذلك ، فقال : يا مباركة إنّ الله تبارك وتعالى أحبّ أن يشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيبا. قالت حكيمة : فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزيّنتها ووهبتها لأبي محمّد وجمعت بينه وبينها في منزلي ، فأقام عندي أيّاما ثمّ مضى إلى والده ووجّهت بها معه ، قالت حكيمة : فمضى أبو الحسن وجلس أبو محمد مكان والده ، وكنت أزوره كما كنت أزور والده فجاءتني نرجس يوما تخلع خفي وقالت : يا مولاتي ناوليني خفك.
فقلت : بل أنت سيدتي ومولاتي ، والله ما رفعت إليك خفّي لتخلعيه لا خدمتني ، بل أخدمك على بصري ، فسمع أبو محمد ذلك ، فقال : جزاك الله خيرا يا عمّة ، فجلست عنده إلى غروب الشمس فصحت بالجارية وقلت : ناوليني ثيابي لأنصرف ، فقال : يا عمّتاه بيتي الليلة عندنا فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزوجل ، الذي يحيي الله عزوجل به الأرض بعد موتها ، قلت : ممّن يا سيدي ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الحمل؟ فقال : من نرجس لا من غيرها. قالت : فوثبت إلى نرجس فقلبتها ظهرا لبطن فلم أر بها أثرا من حمل ، فعدت إليه فأخبرته بما فعلت ، فتبسّم ثمّ قال لي : إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحمل ؛