ابن إسحاق إنّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم ، ولا تخلو إلى يوم القيامة من حجّة لله على خلقه ، به يدفع البلاء عن أهل الأرض ، وبه ينزل الغيث ، وبه يخرج بركات الأرض.
قال : فقلت : يا ابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض عليهالسلام فدخل البيت ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر ، من أبناء ثلاث سنين فقال : يا أحمد بن إسحاق لو لا كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنّه سمي رسول الله وكنيّه الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الامّة مثل الخضر ومثله كمثل ذي القرنين ، والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلّا من يثبته الله على القول بإمامته ، ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه. قال أحمد بن إسحاق : فقلت له : يا مولاي هل من علامة يطمئن إليها قلبي؟
فنطق الغلام عجل الله فرجه بلسان عربي فصيح فقال : أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه ، فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق. قال أحمد بن إسحاق : فخرجت مسرورا فرحا ، فلمّا كان من الغد عدت إليه فقلت له : يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما أنعمت عليّ ، فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال : طول الغيبة يا أحمد. فقلت له : يا ابن رسول الله وإنّ غيبته لتطول؟ قال : إي وربّي حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ، فلا يبقى إلّا من أخذ الله عهده بولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه. يا أحمد بن إسحاق هذا أمر من أمر الله ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين تكن غدا في العليين (١).
التاسع : ممّن رآه في حياة أبيه عليهماالسلام : في تبصرة الولي عن يعقوب بن منفوس : دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليهالسلام وهو جالس على دكان في الدار ، عن يمينه بيت وعليه ستر مسبل فقلت له : يا سيّدي من صاحب هذا الأمر؟ فقال عليهالسلام : ارفع الستر ، فرفعته فخرج إلينا خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك ، واضح الجبين ، أبيض دريّ المقلتين ، شثن الكفين معطوف الركبتين ، في خدّه الأيمن خال وفي رأسه ذؤابة ، فجلس على فخذ أبي محمد عليهالسلام ثمّ قال لي : هذا هو صاحبكم ، ثمّ وثب فقال له : يا بني ادخل إلى الوقت المعلوم ،
__________________
(١) تبصرة الولي : ٧٧٧ ح ٤٤ ، وكمال الدين : ٣٨٥.