السيوف من الخزانة فأتيت فلم يقدروا أيضا على إخراجها من أغمادها ، وجاءوا بالمواسي والسكاكين فلم يقدروا على فكّها.
ثمّ أمر الخليفة بإشارة من الوزير بالأسود الضارية من بركة السباع ، فأتي بثلاثة من الأسود الضارية والسباع العادية فأشار إلى الخليفة وقال : ألقه نحو الاسود ، فحار عقلي وطاش لبّي وقلت في نفسي : إنّي لا أفعل ذلك ولو أنّي اقتل ، فقرب عجل الله فرجه من اذني فقال لي : لا تخف وألقنى ، فلمّا سمعت من سيدي ومولاي ذلك ألقيته نحو الأسود بلا تأمّل ، فتبادرت وتسابقت الأسود نحوه وأخذوه بأيديهم في الهواء ، ووضعوه على الأرض برفق ولين ورجعوا إليّ القهقرى مؤدّبين كأنّهم العبيد بين يدي الموالي واقفين ، ثمّ تكلّم واحد منهم بلسان فصيح ، وشهد بوحدانية الباري عزّ شأنه وبرسالة النبي المصطفى صلىاللهعليهوآله وبإمامة علي المرتضى والزكي المجتبى والشهيد بكربلاء وعن الأئمّة واحدا واحدا ، ثمّ قال : يا ابن رسول الله لي إليك الشكوى فهل تأذن لي؟ فأذن له فقال : إنّي هرم وهذان شابّان فإذا جيء إلينا بطعمة ما يراعياني ، ويأكلان الطعمة قبل أن أكمل فأبقى جائعا ، قال عجل الله فرجه : مكافأتهما أن يصيرا مثلك وتصير مثلهما ، فلمّا قال هذا الكلام فإذا صار كما قال ، وصارا كما أراد ، فعرض لهما الهرم وعاد له الشباب ما شاء الله ، فلمّا رأى الحاضرون كبّروا جميعا من غير اختيار ، وفزع الخليفة ومن كان معه وتغيّرت ألوانهم ، فأمر بردّه إلى أبيه العسكري عليهالسلام ، فعدت ضاحكا شاكرا لله حامدا له ، فأتيت به إلى أبيه وقصصت عليه القصّة فأمرني بردّه إلى السرداب فذهبت به (١).
__________________
(١) لم أجده في المصادر.