فقال عجل الله فرجه : يا عيسى ما كان لك أن تراني لو لا المكذّبون القائلون : بأين هو؟ ومتى كان؟ وأين ولد؟ ومن رآه؟ وما الذي خرج إليكم منه؟ وبأيّ شيء نبأكم؟ وأي معجز أتاكم؟أما والله لقد دفعوا أمير المؤمنين عليهالسلام مع ما رووه وقدّموا عليه وكادوه وقتلوه وكذلك آبائي ، ولم يصدقوهم ونسبوهم إلى السحر وخدمة الجنّ إلى ما تبين ، يا عيسى فخبّر أولياءنا ما رأيت وإيّاك أن تخبر عدوّنا فتسلبه ، فقلت : يا مولاي ادع لي بالثبات ، فقال : لو لم يثبتك الله ما رأيتني ، وامض بنجحك راشدا ، فخرجت أكثر حمدا لله (١).
المعجزة الرابعة : في مدينة المعاجز : سئل محمد بن عبد الحميد البزاز ومحمد بن يحيى ومحمد بن ميمون الخراساني وحسين بن مسعود الفزاري عن جعفر الكذّاب وما جرى من أمره قبل غيبة سيّدنا أبي الحسن وأبي محمد صاحبي العسكري عليهالسلام ، وبعد غيبة سيّدنا أبي محمّد عليهالسلام وما ادّعاه جعفر وما ادعي له. فحدّثوا أنّ سيّدنا أبا الحسن كان يقول : تجنبوا ابني جعفرا فإنّه منّي بمنزلة نمرود من نوح الذي قال الله عزوجل فيه : قال نوح (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) قال الله (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (٢) وأنّ أبا محمّد عليهالسلام كان يقول لنا بعد أبي الحسن : الله الله أن يظهر لكم أخي جعفر على سرّ ، فو الله ما مثلي ومثله إلّا مثل هابيل وقابيل ابني آدم حيث حسد قابيل هابيل على ما أعطاه من فضله فقلته ، ولو تهيّأ لجعفر قتلي لفعل ولكنّ الله غالب على أمره ، ولقد عهدنا بجعفر وكلّ من في البلد وكل من في العسكر من الحاشية والرجال والنساء والخدم يشكون إلينا إذا وردنا أمر جعفر فيقولون : إنّه يلبس المضي من النساء (٣) ويضرب له بالعيدان ويشرب الخمر ويبذل الدراهم والخلع لمن في داره على كتمان ذلك عليه ، فيأخذون منه ولا يكتمون.
وإنّ الشيعة بعد أبي محمّد عليهالسلام أرادوا هجره وتركوا السلام عليه ، وقالوا : لا تقية بيننا وبينه نتجمل به ، وإن نحن لقيناه وسلمنا عليه ودخلنا داره وذكرناه نحن فنضل الناس فيه وعملوا على ما يروننا نفعله فيكون ذلك من أهل النار ، وإنّ جعفرا لمّا كان في ليلة وفاة أبي محمد ختم على الخزائن وكلّما في الدار ، وأصبح ولم يبق في الخزائن ولا في الدار إلّا شيء يسير
__________________
(١) الهداية الكبرى : ٣٧٣ ، وإثبات الهداة : ٣ / ٧٠٠ ح ١٣٨ ، البحار : ٥٢ / ٦٩ ح ٥٤.
(٢) هود : ٤٥ ـ ٤٦.
(٣) في الهداية : يلبس المصنعات من ثياب النساء ، وفي مدينة المعاجز : المصبغات.