كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإنّ ذلك فرجكم والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتّبع الهدى (١).
وفيه : عن أبي عبد الله عليهالسلام : أقرب ما يكون العبد إلى الله عزوجل وأرضى ما يكون عنه إذا افتقدوا حجّة الله فلم يظهر لهم ، وحجب عنهم فلم يعلموا بمكانه ، وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجج الله ولا بيّناته ، فعندها فليتوقّعوا الفرج صباحا ومساء. وإنّ أشدّ ما يكون الله غضبا على أعدائه إذا أفقدهم حجّته فلم يظهر لهم ، وقد علم أنّ أولياءه لا يرتابون ولو علم أنّهم يرتابون ما أفقدهم حجّته طرفة عين (٢).
وفيه : عن جابر الجعفي عن جابر الأنصاري أنّه سأل النبيّ صلىاللهعليهوآله : هل ينتفع الشيعة بالقائم عجل الله فرجه في غيبته؟ فقال صلىاللهعليهوآله : إي والذي بعثني بالنبوّة إنّهم لينتفعون به ، ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب (٣).
أقول : التشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب يومئ إلى امور كما يستفاد من كلمات العلّامة المجلسي رحمهالله (٤).
الأوّل : أن نور الوجود والعلم والهداية يصل إلى الخلق بتوسّطه عليهالسلام ، إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم العلل الغائية لإيجاد الخلق ، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لاستحق الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (٥) ولقد جربنا مرارا لا نحصيها أنّه عند انفلاق الامور وإعضال المسائل والبعد عن جناب الحقّ تعالى وانسداد أبواب الفيض لمّا استشفعنا بهم وتوسّلنا بأنوارهم ، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الامور الصعبة ، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان.
الثاني : كما أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ، ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ليكون انتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيّام غيبته ينتظر
__________________
(١) الاحتجاج : ٢٨٤ ، والبحار : ٥٣ / ١٨١ ح ١٠.
(٢) البحار : ٥٢ / ٩٤ ح ٩ ، وكمال الدين : ٣٣٩.
(٣) البحار : ٥٢ / ٩٢ ح ٨ ، والأنوار البهية : ٣٤١.
(٤) البحار : ٥٢ / ٩٣ ح ٨.
(٥) سورة الأنفال : ٣٣.