مخالفيه في الأول؟ قال : لآية في كتاب الله عزوجل (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١) قال : قلت : وما يعني بتزيلهم؟ قال : ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ، ومنافقين فلم يكن علي عليهالسلام ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع فلما خرج ظهر على من ظهر وقتله ، فكذلك القائم لن يظهر أبدا حتّى تخرج ودائع الله عزوجل ، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عزوجل جلاله فقتلهم (٢).
وفيه : سأل أبو خالد أبا جعفر عليهالسلام أن يسمّي القائم حتّى أعرفه باسمه. فقال عليهالسلام : يا أبا خالد سألتني عن أمر لو أنّ بني فاطمة عرفوه لحرصوا على أن يقطّعوه بضعة بضعة (٣).
وفيه : قال الشيخ رحمهالله : لا علّة تمنع من ظهوره إلّا خوفه على نفسه من القتل (٤) ، لأنّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار ، وكان يتحمّل المشاق والأذى ، فإنّ منازل الأئمّة وكذلك الأنبياء إنّما تعظم لتحمّلهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى (٥).
فإن قيل : هلّا منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟
قلنا : المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه والأمر بوجوب اتباعه ونصرته وإلزام الانقياد له ، وكلّ ذلك فعله تعالى ، وأمّا الحيلولة بينهم وبينه فإنّه ينافي التكليف وينقض الغرض ، لأنّ الغرض بالتكليف استحقاق الثواب ، والحيلولة ينافي ذلك ، وربما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق فلا يحسن من الله فعلها ، وليس هذا كما قال بعض أصحابنا أنّه لا يمتنع أن يكون في ظهوره مفسدة وفي استتاره مصلحة ؛ لأنّ الذي قاله يفسد طريق وجوب الرسالة في كلّ حال ، ويطرق القول بأنّها تجري مجرى الألطاف التي تتغيّر بالأزمان والأوقات والقهر والحيلولة ، ليس كذلك ولا يمتنع أن يقال في ذلك مفسدة ولا يؤدّي إلى فساد وجوب الرئاسة.
فإن قيل : أليس آباؤه كانوا ظاهرين ولم يخافوا ولا صاروا بحيث لا يصل إليهم أحد؟
__________________
(١) سورة الفتح : ٢٥.
(٢) تفسير القمّي : ٢ / ٢٩٢ ط. الأعلمي ، وعلل الشرائع : ١ / ١٤٧ ح ٣ ، باب ١٢٢ بتفاوت فيهما.
(٣) البحار : ٥٢ / ٩٨ ح ٢١ ، وغيبة النعماني : ٢٨٩.
(٤) أقول : مراده قدسسره من الخوف على النفس الخوف من انقطاع الحجّة على الناس بقتله ، وهذا غير الخوف على النفس المنافي للقاء الله وحبّ الشهادة في سبيله.
(٥) غيبة الشيخ : ٣٢٩ ، البحار : ٥٢ / ٩٨ ح ٢٢.