بما بيّنت وفسّرت وشرحت وأوضحت ونورت وبرهنت فهو مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وهو عارف مستبصر قد انتهى وبلغ وكمل ، ومن شك وعند وجحد ووقف وتحيّر وارتاب فهو مقصّر وناصب. يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبّيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك.
قال : أنا احيي واميت بإذن ربّي وأنبّئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم بإذن ربّي ، وأنا عالم بضمائر قلوبكم ، والأئمّة من أولادي يعلمون ويفعلون هذا إذا أحبّوا وأرادوا إنّا كلّنا واحد ؛ أوّلنا محمّد وآخرنا محمّد وأوسطنا محمّد وكلّنا محمّد ، فلا تفرّقوا بيننا ، ونحن إذا شئنا شاء الله وإذا كرهنا كره الله (١) ، الويل كلّ الويل لمن أنكر فضلنا وخصوصيتنا وما أعطانا الله ربّنا ؛ لأنّ من أنكر شيئا ممّا أعطانا الله فقد أنكر قدرة الله عزوجل ومشيئته فينا. يا سلمان ويا جندب. قالا : لبّيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك. قال : لقد أعطانا الله ربّنا ما هو أجلّ وأعظم وأعلى وأكبر من هذا كلّه.
قلنا : يا أمير المؤمنين ما الذي أعطاكم ما هو أجلّ وأعظم من هذا كلّه؟ قال عليهالسلام : قد أعطانا ربّنا عزوجل ، علمنا الاسم الأعظم الذي لو شئنا خرقنا السماوات والأرض والجنّة والنار ونعرج به إلى السماء ونهبط به الأرض ونغرّب ونشرّق وننتهي به إلى العرش فنجلس عليه بين يدي الله عزوجل ويطيعنا كلّ شيء حتّى السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والبحار والجنّة والنار ، أعطانا الله ذلك كلّه بالاسم الأعظم الذي علّمنا وخصّنا به ، ومع هذا كلّه نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق نعمل هذه الأشياء بأمر ربّنا ونحن عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون وجعلنا معصومين مطهّرين وفضّلنا على كثير من عباده المؤمنين فنحن نقول الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله وحقّت كلمة العذاب على الكافرين ، أعني الجاحدين بكلّ ما أعطانا الله من الفضل والإحسان. يا سلمان ويا جندب فهذا معرفتي بالنورانية فتمسّك بها راشدا مهديّا فإنّه لا يبلغ أحد من شيعتنا حدّ الاستبصار حتى يعرفني بالنورانية فإذا عرفني بها كان مستبصرا بالغا كاملا قد خاض بحرا من العلم وارتقى درجة من الفضل
__________________
(١) أي مشيئتهم متعلقة بمشيئة الله ، فهم عليهمالسلام لا يشاءون ما يخالف مشيئة الله تعالى ولا يكرهون إلا ما يكرهه تعالى.