أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ) (١) إنّي أعطيت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب واستودعت علم القرآن وما هو كائن إلى يوم القيامة ومحمّد صلىاللهعليهوآله أقام الحجّة حجّة للناس وصرت أنا حجّة الله عزوجل ، جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأولين والآخرين لا لنبي مرسل ولا لملك مقرّب.
يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : أنا الذي حملت نوحا في السفينة بأمر ربّي (٢) ، وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربّي ، وأنا الذي جاوزت بموسى ابن عمران البحر بإذن ربّي ، وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النار بإذن ربّي ، وأنا الذي أجريت أنهارها وفجّرت عيونها وغرست أشجارها بإذن ربّي ، وأنا عذاب يوم الظلمة (٣) وأنا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان الجنّ والإنس وفهمه قوم إنّي لأسمع كلّ قوم ؛ الجبّارين والمنافقين بلغاتهم ، وأنا الخضر معلّم موسى وأنا معلّم سليمان بن داود وأنا ذو القرنين وأنا قدرة الله عزوجل. يا سلمان ويا جندب أنا محمّد ومحمّد أنا وأنا من محمّد ومحمّد منّي. قال الله (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) (٤). يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبّيك يا أمير المؤمنين ، قال : إنّ ميّتنا لم يمت وغائبنا لم يغب وإن قتلانا لم يقتلوا. يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبّيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك ، قال : أنا أمير كلّ مؤمن ومؤمنة ممّن مضى وممّن بقي وأيّدت بروح العظمة ، وإنّما أنا عبد من عبيد الله لا تسمّونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنّكم لم تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا ولا معشار العشر ، لأنّا آيات الله ودلائله وحجج الله وخلفاؤه وأمناء الله وأئمّته ووجه الله وعين الله ولسان الله ، بنا يعذّب الله عباده وبنا يثيب ، ومن بين خلقه طهّرنا واختارنا واصطفانا ولو قال قائل لم وكيف وفيم كفر وأشرك ، لأنّه لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون. يا سلمان ويا جندب. قالا : لبّيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك ، قال عليهالسلام : من آمن بما قلت وصدّق
__________________
(١) الطلاق : ١١.
(٢) قال العلامة المجلسي في البحار : قوله : أنا الذي حملت نوحا ... لو صح صدور الخبر عنه عليهالسلام لاحتمل أن يكون المراد به وبأمثاله أن الأنبياء عليهمالسلام بالاستشفاع بنا والتوسل بأنوارنا رفعت عنهم المكاره والفتن كما دلت عليه الأخبار الصحيحة ، انتهى.
وقد أوضحنا ذلك في كتابنا «آل محمد بين قوسي النزول والصعود» ط. دار الهادي.
(٣) في المصدر : يوم الظلّة.
(٤) الرحمن : ١٩ ـ ٢٠.