طرفة عين ، لا بل في لحظة ، لا بل في لمحة ، ولكنّنا عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون. قال : قلت له : يا سيّدي ولم تفعل هذا بهم؟ قال : ما حضرت أبي بالأمس والشيعة يشكون إليه ما يلقونه من الناصبية الملاعين والقدرية المقصّرين؟ فقلت : بلى يا سيدي. قال : فإنّي أرعبهم وكنت أحب أن يهلك طائفة منهم ويطهّر الله منهم البلاد ويريح العباد. قلت : يا سيدي فكيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا؟ قال : امض بنا إلى المسجد لأريك قدرة من قدرة الله تعالى ، قال جابر : فمضيت معه إلى المسجد فصلّى ركعتين ثمّ وضع خدّه على التراب وتكلّم بكلمات ثمّ رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة المسك وكان أدقّ في المنظر من خيط المخيط ثمّ قال لي : خذ إليك طرف الخيط وامش رويدا وإيّاك ثمّ إيّاك أن تحرّكه ، قال : فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا فقال عليهالسلام : قف يا جابر ، فوقفت فحرّك الخيط تحريكا ليّنا فما ظننت أنّه حرّكه من لينه ثمّ قال : ناولني طرف الخيط. قال : فناولته فقلت : ما فعلت به يا بن رسول الله؟ فقال : ويحك اخرج إلى الناس وانظر ما حالهم. قال : فخرجت من المسجد فإذا صياح وولولة من كلّ ناحية وزاوية وإذا زلزلة وهدّة ورجفة وإذا الهدة أخربت عامّة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف رجل وامرأة وإذا بخلق يخرجون من السكك لهم بكاء وعويل وضوضاء ورنّة شديدة وهم يقولون : إنّا لله وإنّا إليه راجعون قد قامت الساعة ووقعت الواقعة وهلك الناس. وآخرون يقولون : الزلزلة والهدة ، وآخرون يقولون : الرجفة والقيامة هلك فيها عامّة الناس ، وإذا اناس قد أقبلوا يبكون يريدون المسجد وبعضهم يقولون لبعض : لم لا يخسف بنا وقد تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظهر الفسق والفجور وكثر الزنا والربا وشرب الخمر واللواط ، والله لينزلن بنا ما هو أشدّ من ذلك وأعظم أو نصلح أنفسنا. قال جابر : فقمت متحيّرا أنظر إلى الناس يبكون ويصيحون ويولولون ويفدون زمرا إلى المسجد فرحمتهم حتّى والله لبكيت لبكائهم ، وإذن لا يدرون من أين أتوا واخذوا فانصرفت إلى الإمام الباقر عليهالسلام وقد اجتمع الناس عليه وهم يقولون : يا بن رسول الله صلىاللهعليهوآله ما ترى ما نزل بنا وبحرم رسول الله قد هلك الناس وماتوا فادع الله عزوجل لنا ، فقال : افزعوا إلى الصلاة والصدقة والدعاء. ثمّ سألني وقال : يا جابر ما حال الناس؟ فقلت : يا سيدي لا تسأل يا بن رسول الله خربت الدور والقصور وهلك الناس ورأيتهم بغير رحمة فرحمتهم. فقال عليهالسلام : لا رحمهمالله أبدا ، أما إنّه قد بقي