واحد وروحنا من أمر الله أوّلنا محمّد وأوسطنا محمّد وآخرنا محمّد وكلّنا محمّد. قال : فلمّا سمعوا ذلك خرّوا لوجوههم سجدا وهم يقولون : آمنّا بولايتكم وبسرّكم وعلانيتكم وأقررنا بخصائصكم.
فقال الإمام زين العابدين : يا قوم ارفعوا رءوسكم فأنتم الآن العارفون الفائزون المستبصرون وأنتم الكاملون البالغون الله الله لا تطلعوا أحدا من المقصّرين المستضعفين على ما رأيتم منّي ومن محمّد فيشنعوا عليكم ويكذّبوكم. قالوا : سمعنا وأطعنا ، قال : فانصرفوا راشدين كاملين. فانصرفوا. قال جابر : قلت : سيّدي وكلّ من لا يعرف هذا الأمر على الوجه الذي صنعته وبيّنته إلّا أن عنده محبّة ويقول بفضلكم ويتبرّأ من أعدائكم ، ما يكون حاله؟ قال عليهالسلام : يكونون في خير إلى أن يبلغوا. قال جابر : قلت : يا بن رسول الله هل بعد ذلك شيء يقصّرهم؟ قال عليهالسلام : نعم إذا قصروا في حقوق إخوانهم ولم يشاركوهم في أموالهم ولم يشاوروهم في سرّ أمورهم وعلانيتهم واستبدّوا بحطام الدنيا دونهم فهنالك تسلب المعروف وتسلخ من دونه سلخا ويصيبه من آفات هذه الدنيا وبلائها ما لا يطيقه ولا يحتمله من الأوجاع في نفسه وذهاب ماله وتشتّت شمله لما قصر في برّ إخوانه.
قال جابر : فاغتممت والله غمّا شديدا وقلت : يا بن رسول الله ما حقّ المؤمن على أخيه المؤمن؟ قال عليهالسلام : يفرح لفرحه ويحزن إذا حزن وينفذ اموره كلّها فيحصلها ولا يغتمّ بشيء من حطام الدنيا الفانية إلّا واساه حتّى يجريا في الخير والشرّ في قرن واحد. قلت : يا سيّدي فكيف أوجب الله كلّ هذا للمؤمن على أخيه المؤمن؟ قال : لأنّ المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمّه على هذا الأمر لا يكون أخاه وهو أحقّ بما يملكه. قال جابر : سبحان الله ومن يقدر على ذلك؟
قال عليهالسلام : من يريد أن يقرع أبواب الجنان ويعانق الحور الحسان ويجتمع معنا في دار السلام. قال جابر : فقلت : هلكت والله يا بن رسول الله لأنّي قصّرت في حقوق إخواني ولم أعلم أنّه يلزمني من التقصير كلّ هذا ولا عشره وأنا أتوب إلى الله تعالى يا بن رسول الله ممّا كان منّي من التقصير في رعاية حقوق إخواني المؤمنين (١).
__________________
(١) البحار : ٢٦ / ٨ ح ٢.