لطيف الاستعارات للكناية.
وقيل : إنّ إتيان المرأة وظهرها إلى السماء كان حراماً عندهم في الجّاهلية ، وكان أهل المدينة يقولون : إذا أتيت المرأة ووجهها إلى الأرض جاء الولد أحول ، فلقصد الرجل ـ المطلِّق ـ منهم التغليظ في تحريم امراته عليه شبّهها بالظّهر ، ثمّ لم يقنع بذلك حتى جعلها كظهر أمّه ، وكان الرجل عندهم إذا ظاهر المرأة تركها وتجنّبها ، لذا تضمّن الظّهار معنى التباعد (١).
١ ـ الظّهار حرام ، وموجب لتحريم الزوجة المظاهَر منها ، ولزوم الكفّارة بالعود إلى مقاربتها كما سيأتي تفصيله.
٢ ـ صيغة الظّهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة : ( أنت عليّ كظهر اُمّي ) ، أو يقول بدل أنت : ( هذه ) مشيراً إليها ، أو ( زوجتي ) ، أو ( فلانة ). ويجوز تبديل ( عليّ ) بقوله : ( منّي ) ، أو ( عندي ) ، أو ( لديّ ) ، بل الظّاهر عدم اعتبار ذكر لفظة ( عليّ ) وأشباهها أصلاً ، بأن يقول : ( أنت كظهر اُمّي ).
٣ ـ لو شبّه زوجته بجزء آخر من أجزاء الاُمّ ـ كرأسها أو يدها أو بطنها ـ قاصداً به تحريمها على نفسه ، ففي وقوع الظّهار به قولان ، أظهرهما عدم الوقوع وإن كان الاحتياط (٢) في محلّه.
٤ ـ لو شبّهها باُمّه جملة بأن قال : ( أنت كأُمّي ) ، أو ( أنت اُمّي ) قاصداً به التّحريم لا علو المنزلة والتعظيم ، أو كبر السنّ وغير ذلك ، فالأظهر عدم وقوع الظّهار به وإن كان الأحوط استحباباً خلافه.
٥ ـ لو شبّهها بإحدى المحارم النسبيّة غير الاُمّ كالبنت والاُخت والعمّة والخالة
__________________
(١) لسان العرب : ٨ : ٢٨٠ « ظهر ».
(٢) الاحتياط هنا استحبابي.