أحسنت ، يا فضل ، أعطه مائة ألف أخرى (١).
قال (٢) الرشيد للمفضّل الضّبّي : ما أحسن ما قيل في الذئب ، ولك هذا الخاتم الذي في يدي ، وشراؤه ألف وست مائة دينار؟ فقال : قول الشاعر :
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي |
|
بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع (٣) |
قال : ما ألقي هذا على لسانك إلا لذهاب الخاتم ، وحلق به إليه ، فاشترته أم جعفر بألف وست مائة دينار ، وبعثت به إليه وقالت : قد كنت أراك تعجب به ، فألقاه إلى الضبي وقال : خذه وخذ الدنانير ، فما كنا نهب شيئا ونرجع فيه.
صنع (٤) الرشيد ذات ليلة بيتا ، واضطرب عليه الثاني ، فقال : علي بالعباس بن الأحنف ، فأتي به في جوف الليل على حال من الذعر عظيمة ، فقال له الرشيد : لا ترع ، قال : وكيف لا يكون ذلك وقد طرقت في منزلي في مثل هذا الوقت؟ فلم أخرج إلا والواعية (٥) فيه وأهلي لا يشكّون في قتلي ، فقال : أحضرتك لبيت قلته صعب عليّ أن أشفعه بمثله ، قال : ما هو؟ قال :
جنان (٦) قد رأيناها |
|
فلم نر مثلها بشرا |
قال العباس :
يزيدك وجهها حسنا |
|
إذا ما زدته نظرا |
إذا ما الليل ما لعلي |
|
ك بالظلماء (٧) واعتكرا |
ودجّ فلم تر قمرا (٨) |
|
فأبرزها تر قمرا |
__________________
(١) الذي في الأغاني أنه أمر له بخمسين ألف درهم ... ثم قال : اجعلوها مائة ألف درهم.
(٢) الخبر والبيت في البداية والنهاية ١٠ / ٢٣٨ ورواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٢٢ في ترجمة المفضل الضبي من طريق علي بن محمد بن السري الهمذاني قال قال لنا جحظة قال الرشيد ، وذكره.
(٣) عجزه في البداية والنهاية : بأخرى الرزايا فهو يقظان نائم.
(٤) الخبر والأبيات في تاريخ بغداد ١٢ / ١٣١ في ترجمة العباس بن الأحنف ، والبداية والنهاية ١٠ / ٢٢٧ (حوادث سنة ١٩٢) ووفيات الأعيان ٣ / ٢٢ وديوانه ص ١٢٨.
(٥) الواعية : الصراخ على الميت.
(٦) في البداية والنهاية : حنان.
(٧) في تاريخ بغداد والبداية والنهاية : بالإظلام.
(٨) في البداية والنهاية : فجرا.