نحو حمص على طريق قارا حتى وافوا حمص وكانوا متخوفين لهرب هرقل عنهم فأعطوا ما بأيديهم وطلبوا الأمان ، فأمنهم المسلمون فأخرجوا لهم النّزل فأقاموا على الأرنط ، وهو النهر المسمى بالعاصي ، وكان على المسلمين السّمط بن الأسود الكندي ، فلما فرغ أبو عبيدة من أمر دمشق استخلف عليها يزيد بن أبي سفيان ثم قدم حمص على طريق بعلبكّ فنزل بباب الرّستن فصالحه أهل حمص على أن أمنهم على أنفسهم وأموالهم وسور مدينتهم وكنائسهم وأرحائهم واستثنى عليهم ربع كنيسة يوحنا للمسجد واشترط الخراج على من أقام منهم ، وقيل : بل السمط صالحهم فلما قدم أبو عبيدة أمضى الصلح ، وإن السمط قسم حمص خططا بين المسلمين وسكنوها في كل موضع جلا أهله أو ساحة متروكة ، وقال أبو مخنف : أول راية وافت للعرب حمص ونزلت حول مدينتها راية ميسرة بن مسرور العبسي ، وأول مولود ولد في الإسلام بحمص أدهم بن محرز ، وكان أدهم يقول : إن أمّه شهدت صفين وقاتلت مع معاوية وطلبت دم عثمان ، رضي الله عنه ، وما أحبّ أن لي بذلك حمر النّعم ، قالوا : ومن عجائب حمص صورة على باب مسجدها إلى جانب البيعة على حجر أبيض أعلاه صورة إنسان وأسفله صورة العقرب ، إذ أخذ من طين أرضها وختم على تلك الصورة نفع من لدغ العقرب منفعة بينة ، وهو أن يشرب الملسوع منه بماء فيبرأ لوقته ، وقال عبد الرحمن :
خليليّ ، إن حانت بحمص منيّتي ، |
|
فلا تدفناني وارفعاني إلى نجد |
ومرّا على أهل الجناب بأعظمي ، |
|
وإن لم يكن أهل الجناب على القصد |
وإن أنتما لم ترفعاني ، فسلّما |
|
على صارة فالقور فالأبلق الفرد |
لكيما أرى البرق الذي أومضت له |
|
ذرى المزن ، علويّا ، وما ذا لنا يبدي |
وبحمص من المزارات والمشاهد مشهد علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فيه عمود فيه موضع إصبعه ، رآه بعضهم في المنام ، وبها دار خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، وقبره فيما يقال ، وبعضهم يقول إنه مات بالمدينة ودفن بها وهو الأصحّ ، وعند قبر خالد قبر عياض بن غنم القرشي ، رضي الله عنه ، الذي فتح بلاد الجزيرة ، وفيه قبر زوجة خالد بن الوليد وقبر ابنه عبد الرحمن ، وقيل : بها قبر عبيد الله بن عمر بن الخطاب ، والصحيح أن عبيد الله قتل بصفين ، فإن كان نقلت جثته إلى حمص فالله أعلم ، ويقال : إن خالد بن الوليد مات بقرية على نحو ميل من حمص ، وإن هذا الذي يزار بحمص إنما هو قبر خالد بن يزيد ابن معاوية ، وهو الذي بنى القصر بحمص ، وآثار هذا القصر في غربي الطريق باقية ، وبحمص قبر سفينة مولى رسول الله ، واسم سفينة مهران ، وبها قبر قنبر مولى عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، ويقال : إن قنبر قتله الحجاج وقتل ابنه وقتل ميثما التّمّار بالكوفة ، وبها قبور لأولاد جعفر بن أبي طالب ، وهو جعفر الطّيّار ، وبها مقام كعب الأحبار ومشهد لأبي الدّرداء وأبي ذرّ ، وبها قبر يونان والحارث بن عطيف الكندي وخالد الأزرق الغاضري والحجاج بن عامر وكعب وغيرهم ، وينسب إليها جماعة من العلماء ، ومن أعيانهم : محمد بن عوف ابن سفيان أبو جعفر الطائي الحمصي الحافظ ، قال الإمام أبو القاسم الدمشقي : قدم دمشق فى سنة ٢١٧ وروى