[ت]
باب التاء والألف وما يليهما
التاجُ : اسم لدار مشهورة جليلة المقدار واسعة الأقطار ببغداد من دور الخلافة المعظمة ، كان أول من وضع أساسه وسماه بهذه التسمية أمير المؤمنين المعتضد ، ولم يتم في أيامه فأتمه ابنه المكتفي ، وأنا أذكر هاهنا خبر الدار العزيزة وسبب اختصاصها بهذا الاسم بعد أن كانت دور الخلافة بمدينة المنصور إلى أن أذكر قصة التاج وما يضامّه من الدور المعمورة المعظمة : كان أول ما وضع من الأبنية بهذا المكان قصر جعفر بن يحيى ابن خالد بن برمك ، وكان السبب في ذلك أن جعفرا كان شديد الشغف بالشرب والغناء والتهتك ، فنهاه أبوه يحيى فلم ينته ، فقال : إن كنت لا تستطيع الاستتار فاتخذ لنفسك قصرا بالجانب الشرقي واجمع فيه ندماءك وقيانك وقضّ فيه معهم زمانك وابعد عن عين من يكره ذلك منك ، فعمد جعفر فبنى بالجانب الشرقي قصرا موضع دار الخلافة المعظمة اليوم وأتقن بناءه وأنفق عليه الأموال الجمّة ، فلما قارب فراغه سار إليه في أصحابه وفيهم مؤنس بن عمران وكان عاقلا ، فطاف به واستحسنه وقال كل من حضر في وصفه ومدحه وتقريظه ما أمكنه وتهيّأ له ، هذا ومؤنس ساكت ، فقال له جعفر : ما لك ساكت لا تتكلم وتدخل معنا في حديثنا؟ فقال : حسبي ما قالوا ، فعلم أن تحت قول مؤنس شيئا فقال : وأنت إذا فنك ، فقد أقسمت لتقولن ، فقال : أما إذا أبيت إلا أن أقول فيصير علي الحق ، قال : نعم واختصر ، فقال : أسألك بالله إن مررت الساعة بدار بعض أصحابك وهي خير من دارك هذه ما كنت صانعا؟ قال : حسبك فقد فهمت ، فما الرأي؟ قال : إذا صرت إلى أمير المؤمنين وسألك عن تأخرك فقل سرت إلى القصر الذي بنيته لمولاي المأمون. فأقام جعفر في القصر بقية ذلك اليوم ثم دخل على الرشيد ، فقال له : من أين أقبلت وما الذي أخّرك إلى الآن؟ فقال : كنت في القصر الذي بنيته لمولاي المأمون بالجانب الشرقي على دجلة ، فقال له الرشيد : وللمأمون بنيته! قال : نعم يا أمير المؤمنين ، لأنه في ليلة ولادته جعل في حجري قبل أن يجعل في حجرك واستخدمني أبي له فدعاني ذلك إلى أن اتخذت له بالجانب الشرقي قصرا لما بلغني من صحة هوائه ليصحّ مزاجه ويقوى ذهنه ويصفو ، وقد كتبت إلى النواحي