الأعلى بن السمح بن عبيد بن حرملة المعافري أيام تغلّبه على إفريقية بالقيروان ، فلما قتل محمد بن الأشعث أبا الخطاب في صفر سنة ١٤٤ هرب عبد الرحمن بأهله وما خف من ماله وترك القيروان ، فاجتمعت إليه الإباضية واتفقوا على تقديمه وبنيان مدينة تجمعهم ، فنزلوا موضع تاهرت اليوم ، وهو غيضة أشبة ، ونزل عبد الرحمن منه موضعا مربعا لا شعراء فيه ، فقالت البربر : نزل تاهرت ، تفسيره الدّفّ لتربيعه ، وأدركتهم صلاة الجمعة فصلى بهم هناك ، فلما فرغ من الصلاة ثارت صيحة شديدة على أسد ظهر في الشّعراء فأخذ حيّا وأتي به إلى الموضع الذي صلي فيه وقتل فيه ، فقال عبد الرحمن بن رستم : هذا بلد لا يفارقه سفك دم ولا حرب أبدا ، وابتدأوا من تلك الساعة ، وبنوا في ذلك الموضع مسجدا وقطعوا خشبة من تلك الشّعراء ، وهو على ذلك إلى الآن ، وهو مسجد جامعها ، وكان موضع تاهرت ملكا لقوم مستضعفين من مراسة وصنهاجة فأرادهم عبد الرحمن على البيع فأبوا ، فوافقهم على أن يؤدوا إليهم الخراج من الأسواق ويبيحوا لهم أن يبنوا المساكن ، فاختطوا وبنوا وسموا الموضع معسكر عبد الرحمن بن رستم إلى اليوم ؛ وقال المهلبي : بين شير وتاهرت أربع مراحل ، وهما تاهرتان القديمة والحديثة ، ويقال للقديمة تاهرت عبد الخالق ، ومن ملوكها بنو محمد بن أفلح بن عبد الرحمن بن رستم ؛ وممن ينسب إليها أبو الفضل أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله التميمي البزّاز التاهرتي ، روى عن قاسم بن أصبع وأبي عبد الملك بن أبي دكيم وأبي أحمد بن الفضل الدينوري وأبي بكر محمد بن معاوية القرشي ومحمد بن عيسى بن رفاعة ، روى عنه أبو عمر ابن عبد البرّ وغيره.
تَايَاباذ : بعد الألف الثانية باء موحدة ، وألف ، وذال معجمة : من قرى بوشنج من أعمال هراة ؛ ينسب إليها أبو العلاء إبراهيم بن محمد التاياباذي فقيه الكرامية ومقدمهم ، روى عنه الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الدمشقي وغيره.
باب التاء والباء وما يليهما
تَبَالةُ : بالفتح ؛ قيل تبالة التي جاء ذكرها في كتاب مسلم بن الحجاج : موضع ببلاد اليمن ، وأظنها غير تبالة الحجّاج بن يوسف ، فإن تبالة الحجاج بلدة مشهورة من أرض تهامة في طريق اليمن ؛ قال المهلبي : تبالة في الإقليم الثاني ، عرضها تسع وعشرون درجة ، وأسلم أهل تبالة وجرش من غير حرب فأقرّهما رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، في أيدي أهلهما على ما أسلموا عليه ، وجعل على كلّ حالم ممن بهما من أهل الكتاب دينارا ، واشترط عليهم ضيافة المسلمين ، وكان فتحها في سنة عشر ، وهي مما يضرب المثل بخصبها ؛ قال لبيد :
فالضّيف والجار الجنيب ، كأنما |
|
هبطا تبالة مخصبا أهضامها |
وفيها قيل أهون من تبالة على الحجاج ؛ قال أبو اليقظان : كانت تبالة أوّل عمل وليه الحجاج بن يوسف الثقفي ، فسار إليها فلما قرب منها قال للدليل : أين تبالة وعلى أيّ سمت هي؟ فقال : ما يسترها عنك إلّا هذه الأكمة ، فقال : لا أراني أميرا على موضع تستره عني هذه الأكمة ، أهون بها ولاية! وكرّ راجعا ولم يدخلها ، فقيل هذا المثل ، وبين تبالة ومكة اثنان وخمسون فرسخا نحو مسيرة ثمانية أيام ، وبينها وبين الطائف ستة أيام ، وبينها وبين بيشة