فقط (٥) ، وكان يسمى اسمها فاعلا وخبرها مفعولا به ، ولعله كان يريد بذلك التشبيه متأثرا بصنيع سيبويه نفسه ، كما أسلفنا ، فى تحليل عبارتها (١). ومر بنا أن سيبويه كان يطلق على الحال اسم المفعول فيه ، إذ إن قولك جاء زيد ضاحكا أى فى حالة الضحك ، فهى مرتبطة بزمن الفعل مما يجعلها شبيهة بالمفعول فيه ، ومن هنا أطلق عليها المبرد اسم المفعول فيه ، وكأنها تنصب عنده نصب الظروف ، إذ الفعل يقع فيها على نحو ما يقع المجىء فى المثال السالف فى وقت الضحك ، بالضبط كما تقول جاء زيد اليوم ، فالمجىء ، واقع فى اليوم ، وبذلك كانت تشبه ظرف الزمان (٢). وكان سيبويه لا يجيز فى «حتى الجارة» أن تعمل فى مضمر ، وأجاز ذلك المبرد محتجّا بمثل قول الشاعر :
أتت حتّاك تقصد كلّ فجّ |
|
ترجّى منك أنها لا تخيب |
وذهب جمهور البصريين إلى أن ذلك ضرورة ولا يقاس عليه (٣). وكان سيبويه يذهب إلى أنه إذا ولى كلمة «لو» أن المفتوحة الهمزة المشددة النون مثل «لو أنك قمت» أعربت أن وما بعدها فى تأويل مصدر مبتدأ مثل تالى لولا ، فى نحو «لولا زيد لجئت» ، ومثله أيضا فى أن الخبر محذوف لا يجوز إظهاره ، وذهب المبرد مع الكوفيين إلى أنه فاعل بفعل مقدر تقديره ثبت (٤). ومرّ بنا أن سيبويه كان يذهب فى مثل عساك وعساه وقول الشاعر : «فقلت عساها نار كأس وعلّها» برفع نار إلى أن عمل عسى عكس فنصبت اسمها ورفعت خبرها حملا على لعل ، بينما كان يذهب الأخفش إلى أنها لا تزال فى المثال ببابها ترفع الاسم وتنصب الخبر ، وكل ما فى الأمر أنه تجوّز فى الضمير ، فجعل مكان ضمير الرفع ضمير النصب ومحله محل رفع نيابة عن الضمير المرفوع الذى كان ينبغى أن يحل محله ، كما ناب ضمير الجر عن ضمير الرفع فى لولاك ولولاه وفى مثل أنا كأنت. وذهب المبرد إلى أن الإسناد أو بعبارة أدق الإعراب قلب ، فجعل المخبر عنه خبرا والخبر مخبرا عنه (٥). وكان سيبويه يذهب إلى أن المفعول معه لا ينصبه العامل المعنوى ،
__________________
(١) الهمع ١ / ١١١.
(٢) المبرد : حياته وآثاره ص ١١٧.
(٣) المغنى ص ١٣١.
(٤) المغنى ص ٢٩٩ والهمع ١ / ١٣٨.
(٥) المغنى ص ١٦٥ والهمع ١ / ١٣٢.