التعبير وكيف أسكته وأفحمه.
ومن ذلك إعراب الفعل المضارع المرفوع ، فقد ذهب سيبويه وجمهور البصريين إلى أنه ارتفع بوقوعه موقع الاسم فإن كلمة يقوم فى مثل «زيد يقوم» تقع موقع قائم ، وذهب الأخفش إلى أنه مرفوع لتعريه من العوامل اللفظية. واضطرب الكوفيون فى علة إعرابه والعامل فيه ، فذهب الكسائى إلى أنه يرتفع بحروف المضارعة ، فأقوم مثلا مرفوع بالهمزة ، وواضح أنه يجعل جزءا من أجزاء الفعل عاملا فيه وكأن الشىء يعمل فى نفسه. ولم يرتض هذا الرأى الفرّاء ، فاختار رأى الأخفش ولكنه حاول التغيير والتحريف والتبديل فيه ، فقال إنه مرفوع بتجرده من النواصب والجوازم ، وواضح أنه نفس رأى الأخفش بصيغة جديدة ، ولعل ذلك ما جعل ثعلبا يذهب إلى أنه مرفوع بالمضارعة محاولا بذلك النفوذ إلى رأى جديد (١).
ومن ذلك إعراب الفعلين المضارعين المجزومين فى الجملة الشرطية مثل «من يقم أقم معه» فقد ذهب الخليل وجمهور البصريين إلى أن أداة الشرط هى التى تعمل فى فعل الشرط الجزم ، وهما معا يعملانه فى الجزاء. وذهب الأخفش فى الجزاء إلى أنه مجزوم بفعل الشرط وحده. بينما ذهب الكوفيون إلى أن الجزاء مجزوم بالجوار ، أى لجواره فعل الشرط المجزوم (٢) ، وفاتهم أن فعل الشرط قد يكون ماضيا ولا يتضح فيه الجزم إلا تقديرا.
وكانوا يذهبون إلى أن «إن وأخواتها» تعمل النصب فى اسمها فقط ، أما الخبر فإنها لا تعمل فيه شيئا ، بل هو باق على رفعه قبل دخولها ، بينما ذهب البصريون إلى أنه مرفوع بها ، مثله مثل اسمها (٣) طردا للباب على وتيرة واحدة. وهو أدخل فى القياس وإحكام القواعد.
وكان البصريون وجمهور الكوفيين يرون أن رافع الفاعل هو الفعل ، وذهب
__________________
(١) الهمع ١ / ١٦٤ وانظر الإنصاف : المسألة رقم ٧٤ والرضى ٢ / ٢١٥ وابن يعيش ٧ / ١٢.
(٢) الرضى على الكافية ٢ / ٢٥٤ والهمع ٢ / ٦١ والإنصاف : المسألة رقم ٨٤.
(٣) ابن يعيش ١ / ١٠٢ والرضى ٢ / ٣٤٦ والهمع ١ / ١٣٤.