أحيانا بأحكام دون شواهد تسندها من اللغة ومما جرى فى الندرة على ألسنة بعض العرب. ومما نسوقه أيضا من توسعه فى القياس حكمه بأن صلة الموصول يجوز أن تكون طلبية ، محتجّا بقول الفرزدق :
وإنى لراج نظرة قبل التى |
|
لعلى ـ وإن شطّت نواها ـ أزورها |
والصلة فى البيت ـ إن صحت ـ إنشائية لا طلبية ، وقد تأول البيت البصريون بأحد توجيهين ، إما أن الصلة محذوفة على إضمار القول ، أى «قبل التى أقول لعلى» أو على أن الصلة هى جملة «أزورها» فى آخر البيت وخبر لعل محذوف تقديره «لعلى أفعل ذلك». وإنما منع البصريون أن تكون الصلة إنشائية ، لأنها معرّفة للموصول ، فلا بد من تقدمها عليه وأن تكون معهودة مما يستلزم خبريتها ، وما خالف ذلك ينبغى تأويله. ولسلامة هذا المنطق فى استعمال العرب للموصول والصلة توقف تلميذه هشام ، فلم يرتض أن تكون الصلة طلبية ، بحيث يفسح لمثل «الذى كلّمه أولا تخاطبه محمد» كما ذهب الكسائى ، وارتضى فقط طبقا للبيت السالف أن تكون إنشائية مصدّرة بلعل ، وقاس عليها ليت وعسى ، فيقال «الذى ـ ليته يأتى أو عساه أن يأتى ـ زيد» (١).
وتدور للكسائى فى كتب النحو وراء ذلك آراء كثيرة لا تسندها الشواهد ، فمن ذلك أنه كان يجيز الفصل بين فعل الشرط وأداته بمعموله مثل «من زيدا يكرم أكرمه» والفصل أيضا بعطف وتوكيد ، ومنع ذلك الفرّاء لعدم وروده فى السماع (٢). وكان يجوّز تقديم معمول فعل الشرط والجواب على الأداة مثل «خيرا إن تفعل تكرم» و «خيرا إن أتيتنى تصب» ومنع ذلك أيضا الفراء ، إذ لا يؤيده شىء من السماع عن العرب (٣).
ومن ذلك أنه جوّز فى المصدر الواقع مبتدأ وخبره حال سدّت مسدّه مثل «قراءتى الكتاب نافعة» بنصب نافعة أن ينعت ، فيقال مثلا «قراءتى الكتاب الدقيقة نافعة» ومنع ذلك الجمهور لأنه لم يرد فيه سماع (٤). ومن ذلك أن البصريين كانوا يوجبون
__________________
(١) الهمع ١ / ٨٥ وانظر المغنى ص ٦٤٧.
(٢) الهمع ٢ / ٥٩.
(٣) الهمع ٢ / ٦١ وانظر الرضى ١ / ١٥٠.
٢ / ٢٣٦.
(٤) الهمع ١ / ١٠٧.