(حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) وقال إن الواو معناها السقوط أى زائدة فى جواب إذا متابعا فى ذلك الأخفش ومثّل لسقوطها فى الجواب بآية الصافات : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ) فإن ناديناه هى الجواب فى رأيه ، وكذلك بقوله تعالى فى سورة الزمر : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) مستدلا بآية مماثلة فى نفس السورة إذ حذفت فيها من نفس العبارة الواو ، وتمثّل بقول بعض الشعراء :
حتى إذا قملت بطونكم |
|
ورأيتم أبناءكم شبّوا (١) |
وقلبتم ظهر المجن لنا |
|
إن اللئيم العاجز الخبّ (٢) |
فإنّ «قلبتم» وهى الجواب زادت فى أولها الواو. والبصريون يؤولون مثل ذلك بأن الجواب محذوف ، والواو عاطفة الجملة المذكورة معها عليه (٣). وجوّز فى الآية الكريمة : (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) أن يكون كل من الحرفين : اللام ومن وضع فى مكان صاحبه ، على طريقة القلب المكانى ، وقال إن ذلك طريقة معروفة للعرب فى تعبيرهم ، واستشهد له بقول بعض الشعراء :
إن سراجا لكريم مفخره |
|
تحلى به العين إذا ما تجهره |
قائلا : «العين لا تحلى إنما يحلى بها سراج لأنك تقول حليت بعينى ، ولا تقول حليت عينى بك إلا فى الشعر (٤)». ووقف بإزاء قراءة الآية : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) ملاحظا أن الفعل الأخير فى هذه القراءة (ولا تخشا) معطوف على فعل مجزوم وأثبتت فيه الألف ، ووجّه ذلك بأنه قد يكون مستأنفا وقد يكون فى موضع جزم وإن كانت فيه الياء ، واحتج بأن العرب قد تصنع ذلك ، موردا قول بعض بنى عبس :
ألم يأتيك والأنباء تنمى |
|
بما لاقت لبون بنى زياد (٥) |
__________________
(١) قملت : كثرت. بطونكم : عشائركم.
(٢) المجن : الترس ، وقلب ظهر المجن :
كناية عن المعاداة. والخب : الغادر.
(٣) معانى القرآن ١ / ٢٣٨ والمغنى ص ٤٠٠.
(٤) معانى القرآن ١ / ١٣١.
(٥) اللبون : الناقة غزيرة اللبن.