فأثبتت الياء فى «يأتيك» وهى فى موضع جزم ، وأورد فى ذلك أيضا قول بعض الشعراء :
هجوت زبّان ثم جئت معتذرا |
|
من سبّ زبّان لم تهجو ولم تدع |
إذ أثبت الواو فى «تهجو» مع وجود لم الجازمة (١). وكان البصريون لا يجيزون أن تقع اللام المؤكدة فى خبر لكن على نحو ما تقع فى خبر إن ، وجوّز ذلك الفراء محتجّا بقول بعض الشعراء : «ولكننى من حبّها لكميد» واحتج البصريون بأن ذلك شاذ لا يعوّل عليه (٢).
واشترط البصريون لمجىء كان زائدة أن تكون بلفظ الماضى وأن تتوسط بين مسند ومسند إليه مثل «ما كان أجمل هذا المنظر» ، وجوّز الفراء زيادتها بلفظ المضارع لقول بعض الشعراء «أنت تكون ما جد نبيل». وجوّز أيضا زيادتها فى آخر الكلام قياسا على إلغاء ظن آخره ، فتقول «زيد مسافر كان» كما تقول «زيد مسافر ظننت» ومنع ذلك البصريون لعدم وروده فى السماع (٣). ومرّ بنا فى الفصل الخاص بالكسائى وتلاميذه أنه كان يعمل إن النافية عمل ليس لسماع ذلك عن بعض العرب ولقراءة سعيد بن جبير : (إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم) بتخفيف النون فى إن ونصب عبادا ومنع ذلك الفراء محتجّا بأنها من الحروف التى لا تختص ، فالقياس فيها أن لا تعمل ، وكأنه بذلك قدّم القياس على السماع (٤).
وعلى نحو ما نرى فى المثالين الآنفين كان تارة يبسط ظلّ القياس وتارة يقبضه غير ملتفت إلى السماع. ومما بسطه فيه دون شاهد يسنده إضافة. اسم الفاعل المحلى بالألف واللام إلى العلم قياسا على جواز إضافته إلى المعرف بالألف واللام ، فتقول الضارب زيد كما تقول الضارب الرجل (٥). ومما قبضه فيه مع عدم أخذه بالسماع مجىء مرفوعين بعد كان ، وجوّز ذلك الجمهور على أن فى كان ضمير
__________________
(١) معانى القرآن ١ / ١٦١.
(٢) معانى القرآن ١ / ٤٦٥ والإنصاف المسألة رقم ٢٥.
(٣) الهمع ١ / ١٢٠.
(٤) الهمع ١ / ١٢٤.
(٥) الرضى على الكافية ١ / ٢٥٩.