شان محذوف هو اسمها والجملة خبرها لمجىء ذلك كثيرا على لسان الشعراء كقول بعضهم :
إذا متّ كان الناس صنفان شامت |
|
وآخر مثن بالذى كنت أصنع (١) |
وقد يقف لينصّ على أن العرب قد يغلطون ، يقول تعليقا على قراءة الحسن البصرى آية يونس : (وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) فى مكان القراءة المشهورة (وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) بعد أن صحح قراءته : «وربما غلطت العرب فى الحرف إذا ضارعه آخر من الهمز ، فيهمزون غير المهموز ، سمعت امرأة من طيئ تقول : رثأت (أى رثيت) زوجى بأبيات ، ويقولون لبّأت (أى لبيت) بالحج وحّلأت (أى حلّيت) السويق ، فيغلطون ، لأن حلأت قد يقال فى دفع العطاش من الإبل ، ولبأت ذهب إلى اللبأ (اللبن عقب الولادة) الذى يؤكل ، ورثأت زوجى ذهبت إلى رثيئة اللبن وذلك إذا حلبت الحليب على الرائب» (٢).
ولعلنا بكل ما قدمنا نكون قد عرفنا موقف الفراء من كلام بعض العرب ، فهو قد يخطّئهم. وقد يرد بعض ما سمعه منهم مؤمنا بأنه شاذ لا يقاس عليه ولا يصح طرده فى العربية. وإذن فما يتردد فى بعض الكتابات من أن البصرة كانت تخطّئ العرب بينما كانت الكوفة تقبل كل ما يروى عنهم ، حتى لربما بنت على الشاهد الواحد قاعدة غير صحيحة. وهى حقّا قد تتوسع فى القياس على نحو ما رأينا عند الفراء أحيانا من بنائه قاعدة دخول اللام على خبر كأن لشاهد واحد سمعه. ولكن ليس معنى ذلك أنها كانت تصنع ذلك بكل شاهد ، بل لقد كانت تتكاثر الشواهد أحيانا ، وترفض القاعدة والقياس على نحو ما رفض الفراء إمامها الحقيقى إعمال إن النافية. وأدخل من ذلك فى الغلط على الكوفة ونحاتها ما تحدثنا عنه فى الفصل الخاص بنشأة نحوها مما يقال عنها من أنها تعتدّ بالقراءات ، بينما كانت البصرة كثيرا ما تعدل عن هذا الاعتداد ، وقد أوضحنا هناك خطأ هذا القول وأن سيبويه والخليل جميعا لم يردّا قراءة من القراءات وأن الأخفش احتجّ فى غير موضع لبعض القراءات التى يظنّ أنها خارجة على
__________________
(١) الهمع ١ / ١١١.
(٢) معانى القرآن ١ / ٤٥٩.