يرعاه إلى أن توفى ، ولم يلبث الموفق أخو الخليفة المعتمد الذى كان يطلق يده فى أموال الدولة يدبرها حسب مشيئته أن جعل له راتبا سنيّا. وكان ثعلب مقترا على نفسه مما جعله يتوفى لسنة ٢٩١ عن ثروة كبيرة.
وقد صنف مؤلفات كثيرة فى النحو واللغة والقراءات والأمثال ، سقط معظمها من يد الزمن ، ولم يصلنا منها إلا كتابه «المجالس» وهو كتاب نفيس لما يشتمل عليه من النحو واللغة والأخبار ومعانى القرآن والأشعار الغريبة والشاذة والأمثال والأقوال المأثورة ، وكتابه الفصيح وقد طبع مع شرح للهروى وهو كتاب أراد به تقويم ألسنة المبتدئين على نحو ما أراد الفراء بكتابه «البهاء فيما تلحن فيه العامة».
ويقول ابن خلكان إنه ليس فيه زيادات على كتاب الفراء إلا أشياء يسيرة ، ثم كتابه قواعد الشعر وهو رسالة قصيرة يقسم الشعر فيها إلى أمر ونهى وخبر واستخبار ، ويتحدث حديثا قصيرا عن أغراضه ويسلك بينها التشبيه ، وعن بعض ما يجرى فيه من الصور البيانية والبديعية.
ويقول القدماء إنه صنع طائفة من دواوين الشعراء الجاهليين والإسلاميين بينهم الأعشى والنابغتان وطفيل والطّرمّاح ، وقد نشرت له دار الكتب المصرية شرحه لديوان زهير الشاعر الجاهلى المشهور.
وإذا أخذنا نستعرض مجالسه وما نسبته كتب النحو له من آراء وجدناه مطبقا تطبيقا واسعا لآراء الفراء والكسائى وما نهجاه لمدرستهما من أصول وما دار على لسانيهما من مصطلحات وما أخذا به أنفسهما من السماع عن العرب والتوسع فى روايته واستمداد الآراء النحوية منه.
ونبدأ باستعراض المصطلحات الكوفية عنده ، فمن ذلك التقريب ، وهو اسم الإشارة حين يليه مرفوع ومنصوب ، فقد كانوا يشبهونه بكان الناقصة ، ومعروف أنهم كانوا يعربون خبرها حالا كما مر بنا عند الفراء.
ونرى ثعلبا يقول : «هذا تكون مثالا (وهى التى لا يليها مرفوع ومنصوب) وتكون تقريبا ، فإذا كانت مثالا قلت هذا زيد .. وإذا قلت هذا كزيد قائما فهو حال كأنك قلت هذا زيد قائما ولكنك قد قرّبته.