والتقريب مثل كان» (١) ويقول فى موضع آخر من مجالسه : «تقول هذا الخليفة قائما ، والخليفة قائم ، فتدخل (هذا) وتخرجه فيكون المعنى واحدا ، وكلما رأيت إدخال (هذا) وإخراجه واحدا فهو تقريب مثل قولهم من كان من الناس سعيدا فهذا الصياد شقيّا ، وهو قولك فالصياد شقى ، فتسقط هذا وهو بمعناه» (٢) وواضح أنه يشير بذلك إلى أن دخول اسم الإشارة على عبارة «الصياد شقى» يشبه تماما دخول كان.
وكان يسمى اسم الفاعل بالفعل الدائم ، يقول : «ولا تجىء عسى إلا مع مستقبل ولا تجىء مع ماض ولا دائم ولا صفة» (٣) ويقول ابن كيسان قال لى ثعلب : «كيف تقول مررت برجل قائم أبوه؟ فأجبته بخفض قائم ورفع الأب ، فقال لى : بأى شىء ترفعه؟ فقلت بقائم ، فقال : أو ليس هو عندكم (يشير إلى أنه بصرى المنزع) اسما وتعيبوننا بتسميته فعلا دائما؟» (٤) وكأنه يريد أن يذكر علة تسميتهم له بفعل دائم ، إذ يعمل فى الأسماء كما تعمل الأفعال.
وكان يصطلح على تسمية الضمير باسم المكنى والكناية ، يقول : «الأعداد لا يكنى عنها ثانية فلا أقول عندى الخمسة الدراهم والستتها وأقول عندى الحسن الوجه الجميله فأكنى عنه» (٥). وكان يتوسع مثل الفراء فيطلق اسم العماد لا على ضمير الفصل فى مثل محمد هو الشاعر وإن محمدا هو الكاتب بل أيضا على ضمير الشان ، فى مثل «إنه قام زيد» و «إنه قامت هند» (٦).
وأكثر فى مجالسه من تسمية النفى باسم الجحد ، من مثل قوله : «كل استفهام يكون معه الجحد يجاب المتكلم به ببلى ولا ، وكل استفهام لا جحد معه فالجواب فيه نعم ، وإنما كره أن يجاب ما فيه جحد بنعم لئلا يكون إقرارا بالجحد من المتكلم» (٧) وهو يريد أن يقول إنك تجيب على مثل أمعك كتاب؟ بنعم أى
__________________
(١) مجالس ثعلب ص ٥٢ وما بعدها.
(٢) المجالس ص ٥٤.
(٣) المجالس ص ٤٥٦ وانظر ص ٤٦٣.
(٤) مجالس العلماء للزجاجى ص ٣١٨.
(٥) المجالس ص ٣٣٢.
(٦) المجالس ص ٦٦١ وقد اعتذر الكسائى فى روايته عن العرب «فإذا هو إياها» بأن هو عماد وإذا كوجدت مع أحد مفعوليه كأنه قال فوجدته هو إياها. انظر الرضى ٢ / ١٠٦.
(٧) المجالس ص ٥٤٢.